أسطورة الريح الحمراء عام 1951م
عام 1951م، كان المساء محمرا، وهبت ريح حمراء على الصحراء، فحمل ذلك العام، في الذاكرة الشفهية الشعبية، اسم عام الريح الحمراء. الذين درسوا وتعلموا وتفقهوا، حين وصلهم الحكي الشفهي وسمعوا باسم عام الريح الحمراء شككوا في صحة الاسم، لإنه من المستحيل بالنسبة لهم، طبقا للنظريات العلمية التي درسوا، أن تهب ريح حمراء. لا يوجد رمل ولا غبار احمر أحمر يمكن أن يثور ويصعد إلى السماء ويتحول إلى ريح، والشيوخ الذين يتداولون ذلك الاسم ويتذكرون تلك الريح الحمراء يتحدثون عن أسطورة لا أكثر ولا أقل. الذاكرة الصحراوية معجبة بالأسطورة، والكثير من تاريخ الصحراء هو مزيج من الأسطورة والحقيقة. تختلط الحقيقة بالأسطورة وتتداخلان في تناسق عجيب حتى يصعب التمييز بينهما أو فصلهما. عام الريح الحمراء هي أسطورة من أساطيرنا الجميلة التي أردنا لها أن تكون حقيقة خالدة تعيش في ذاكراتنا وتاريخنا. تم طي الملف وأرشفة الحادثة، وربما اتفقنا، نحن الذين درسنا، أن الريح الحمراء هي فقط اختراع صحراوي لحدث لم يوجد.
حقيقة عام الريح الحمراء 2021م
هاهي الريح الحمراء عام 2021م تقترب من المخيمات. يالله، يالله ماهذه الظاهرة، وما هذه الأمواج الحمراء من الرمال والغبار التي تملأ بين السماء والأرض والتي تتجه إلى مخيماتنا. يالله يا حفيظ، هذا يوم القيامة وعلامة الساعة، وهذه ظاهرة لم نرها من قبل. اللهم اسمح لنا من اجدادنا. الريح الحمراء تقترب من مخيماتنا على شكل أمواج عاتية حمراء ستدمر كل ما سيأتي في طريقها. كانت الريح الحمراء الأسطورية تقترب، وكانت القلوب تصعد إلى الحناجر، وكان الله حاضرا: يالله، يالله، ياحفيظ، ياحفيظ. "جنْبي، جنْبي، خيمتنا فيها النبي"، والمتمكنون من عقولهم يصرخون بصوت مرتفع: ابشروا بالخير، ابشروا بالخير. كانت الريح الحمراء تقترب، وكان الأطفال ينظرون إلى إليها ويضحكون ويبتسمون، وكانت الجميع يتساءل هل سينقطع الضوء، ويتوقف الكهرباء، وهل سيحترق المخيم، هل ستطير الخيام ويتناثر "السنك" في السماء، وتسقط البيوت الطينية. منذ وقت الظهر وهم ينظرون إلى الريح الحمراء وينتظرونها، ولا يعرفون هل هي معجزة أم حقيقة أم أسطورة أم هم في حلم. وصلت الريح الحمراء فاختفى كل شيء في ذلك الغبار الأحمر الذي لا يعرف أحد مصيره. مرت بردا وسلاما، لكن لم تكن هذه المرة أسطورة مثل ريح عام 1951م؛ كانت حقيقة وليست حكاية شفهية تناقلها اجدادنا من جيل الى جيل حتى وصلت إلينا نحن الذين درسنا فاستهزأنا بحكي أجدادنا، وقلنا أنها مجرد أسطورة جميلة تشد السامع إلى حكيها. هذه المرة، وحتى لا يتحول عام الريح الحمراء سنة 2021م إلى أسطورة مثل أسطورة عام 1951م، فقد صورناه وأخذنا صورا معه، وسجلناه في أفلام حتى اذا جاء جيل آخر لا يقول أنه أسطورة.
blog-sahara.blogspot.com.es
السيد حمدي يحظيه
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء