دائرة حوزة الرائعة: ذكريات برنامج صيف(الحلقة الثانية والأخيرة)

 

 


مثلما ذكرت في الحلقة الأولى من هذه الذكريات، عن برنامج الصيف في دائرة حوزة الرائعة، كان ما حدث لنا في صيف سنة 1985م قاسيا لأننا لم نفوز رغم أننا الأحسن والأكثر تنظيما والأكثر مهارات وحماسا وحضورا. حين عدنا في صيف سنة 1986م، بدأنا نحضِّر، منذ أول يوم، للمسابقة النهائية، وكان شعارنا الفوز بالتي هي أحسن أو بالتي هي أسوأ. لا بد من الفوز، لأن تلك السنة كانت ستكون هي السنة الأخيرة للمجموعة المشرفة على البرنامج. أكثرية الشبان الذين كانوا يشرفون على ذلك البرنامج، منذ أربع سنوات، تقريبا، في دائرة حوزة، وصلوا إلى مستوى البكالوريا، وسيذهبون للدراسة أو سيتطوعون في الجيش للقتال. إذن، أولئك الشبان كانوا يريدون ان يتركوا ذكرى جميلة تاريخية أو بصمة في سجل دائرة حوزة الذهبي. بمعنى آخر، يريدون تجسيد منطق أن دائرة حوزة هي الاحسن، ويريدون إسعاد جماهيرها قبل الوداع. تحركت حوزة كالعادة بعزيمة؛ نفخ فيها عفريت قوة مضاعفة أو هب عليها إعصار غير مرئي من الحماس. كل المنابر، الاجتماعات، المهرجانات كان الشعار هو الفوز هذه السنة-1986م-، وأننا إذا لم نفوز بتلك المجموعة فقد لا نفوز مرة اخرى. تحركت آلة الحماس تضرب في كل الاتجاهات، وكانت الورشات، خاصة ورشات الإنتاج المادي وورشات كتابة البحوث، وورشات الرسم والزخرفة تعمل الليل كله، تقريبا، بدون توقف. كان الشبان يسهرون الى الخامسة، احيانا، وينهضون على الساعة السابعة. أتذكر تلك العريفة الممتازة- أظن أن اسمها المامية- التي جاءتنا في الاجتماع وقالت لنا: إذا كانوا قالوا اننا في العام الماضي- صيف سنة 1985م – لم نفوز لأننا لم ننتج الكثير من الحلويات، فهذه السنة سنملأ فناء الإدارة وفناء دار التربية بالحلويات. ولتفادي الغيابات يوم التحكيم على الحضور تم تخصيص الخيام القريبة من ساحة الجمع لإيواء الشباب، حتى إذا ما صفرت صفارة الجمع يوم التحكيم يخرج الشباب المتواجد منذ الفجر في تلك الخيام مثل الكوماندوس أو الصاعقة ويجتمع في دقيقة واحدة. كان كل شيء يخضع للتقييم والمراجعة لسد كل الثغرات، وكانت الفرق الرياضية تتدرب، وكل هذه الأنشطة تتم بدعم وأهازيج وتصفيقات سكان الدائرة الرائعة. عندما كنا نزور الورشات والفِرق الفنية وورشات الرسم والخط والتدوين، ونرى الإنتاج والتحضير، كنا نقول اننا لن نُغلب تلك السنة، ولن تقف دائرة في وجهننا. على مستوى التعامل مع الولاية، كنا نذكرهم في كل اجتماع بالخطأ الذي حدث سنة 1985م، (عدم وصول الرسالة الينا الذي تكلمت عنه في الحلقة الأولى من هذا المقال)، ونلح عليهم أن ذلك الخطأ هو الذي جعلنا نخسر. 

الفوز الساحق 

حدثت المسابقة بحضور إعصار دائرة حوزة وعاصفتها الجماهيرية. خلال أيام المسابقات لم ينم أحد، وفعلا نجحت خطة الحضور، واوفت أولئك النسوة والفتيات اللاتي كن يصنعن الحلويات والوجبات التقليدية بما تعهدن به، فامتلأ فناء دار التربية، يوم التحكيم، بالحلويات والوجبات. كانت البحوث، لكبرها وغناها، في حجم الكتب، وكانت اللوحات والخط بكميات مضاعفة، اما الإنتاج المادي فقد أبهرنا، نحن سكان الدائرة، قبل أن يبهر لجنة التحكيم. سحقنا الدوائر المنافسة في كل شيء، وكان الفرق بيننا والدائرة التي تبعتنا في الترتيب هو حوالي 260 نقطة. 

فزنا وذهبنا الى ولاية الداخلة لتمثيل ولاية السمارة ضد ام دريكة من ولاية الداخلة والقتلة من ولاية العيون على ما اعتقد. لا يمكن نسيان تلك الليلة التي كنا سنسافر فيها الى ولاية الداخلة. حضر جمهور كبير من سكان الدائرة يريد مرافقتنا الى ولاية الداخلة لمؤازرتنا وتشجيعنا، لكن الشاحنات لم تكن كافية لنقل الجميع. بكى الكثير من أولئك النسوة العظيمات، والبعض ذهب في الظلام الى الكونترول بحثا عن وسيلة نقل تقله الى الداخلة. هكذا انتهت تلك الرحلة الرائعة مع أولئك السكان الرائعون من تلك الدائرة الرائعة. 

blog-sahara.blogspot.com.es

السيد حمدي يحظيه  


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء