تأملات في محرقة غزة: "خطأ" السنوار ومحمد ضيف(1)


 

السنوار ومحمد ضيف هما شخصان خارقان للعادة، ويمكن مقارنتهما بالشياطين، فالعملية التي نفذاها يوم سابع أكتوبر 2023م، طوفان الأقصى، هي عملية لا يقوم بها إلا العفاريت، أو هي معجزة من معجزات السماء. من حيث التخطيط والتنفيذ والتحكم لا يمكن الحكم على العملية إلا بالقول أنها نجحت ألف بالمائة، وربما فاجأت  نتائجها، يوم تنفيذها، السنوار ومحمد ضيف نفسيهما. لا يمكن أن نقول أن الرجلين كانا غبيين الى درجة أنهما  لم يتوقعا ويحدسا الرد الهمجي لإسرائيل وامريكا، أو لم يعدا العدة ويجمعا الذخيرة الكافية والمقاتلين الشرسين. الرجلان كانا متأكدين من النصر خلال شهرين إذا اجتاحت إسرائيل غزة بريا، وكانت حساباتهما دقيقة تماما لكل شيء. الخطأ الوحيد الذي اعتقِد أن السنوار ومحمد ضيف وقعا فيه هو أن أي من البطلين لم يقرأ قصة مهمة مشهورة من قصص سقوط الأندلس. أثناء حصار مدينة طليطلة من طرف النصارى سنة 1085م، صمدت المدينة خمس سنوات، وبعد استسلامها سأل النصارى المسلمين: بما أنكم كنتم متأكدين أنكم ستستسلمون فلماذا صبرتم على الجوع خمس سنوات؟ قال لهم المسلمون: كنا ننتظر النجدات والدعم من ملوك الطوائف؟ قال لهم النصارى شامتين: ملوك الطوائف كانوا معنا في حصاركم، ولو لا دعمهم لنا ما انتصرنا عليكم.

فالسنوار ومحمد ضيف وكل العرب وكل المسلمين الشرفاء وربما إسرائيل، أيضا، كانوا يتوقعون أنه بمجرد أن يتركب العدو الصهيوني مجزرة مثل التي ارتكبت ستقوم الدول المطبعة بقطع العلاقات وقطع الاتصالات وسيتم غلق كل سفارات إسرائيل في العالم العربي المطبع، وسيتم إلغاء الرحلات وغلق الحدود. هنا وقع الخطأ، فملوك ورؤساء طوائف العرب الحاليين بدل أن يحاصروا إسرائيل حاصروا غزة، وبدل أن يلغون التطبيع ضاعفوه، وبدل أن يشمعوا الحدود فتحوها على مصراعيها. تم فتح الجسور البرية والبحرية وتم إرسال الدعم، وأخيرا أعلنت إسرائيل بالفم المملوء أن كل آلياتها التي تقتل أطفال غزة تسير بوقود وأموال دول الطوائف العربية. فإذا انتصرت إسرائيل لا قدّر الله وسأل الإسرائيليون أهل غزة عن لماذا صمدوا وهم يعرفون أنهم سيستسلمون، سيقول أهل غزة: كنا ننتظر أن يقطع الملوك العرب العلاقات معكم ويقطعون عنكم الدعم فتستسلمون أنتم. سيضحك الإسرائيليون ويقولون ما قاله النصارى لمسلمي طليطلة: الملوك الذين كنتم تنتظرون أن يقدمون لكم الدعم هم الذين دعمونا، ولولا دعمهم لهُزمنا. 

التأمل القادم: الأمم المتحدة إلى مزبلة التاريخ

السيد حمدي يحظيه 




يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء