تأملات في محرقة غزة: المعجزة(3)

 



صمود شعب غزة ومقاومته أرتقى إلى مصاف المعجزات. قطاع مساحته مثل مساحة مدينة، ومنذ ستة أشهر وهم يردمونه ويقصفونه ويدمرونه بالمدفعية والصواريخ، ويسقطون عليه النار، والقنابل المحرمة دوليا والقذائف ليل نهار وهو لازال صامدا. تم ردم البشر والحجر، ولم يبق أي مبنى واقف، واختلط الأسمنت والحديد مع لحم البشر ومع ذلك يخرج شعب غزة كل يوم من تحت الأنقاض والرماد ويقاوم. العالم كله هجم على غزة، وتم فتح الجسور الجوية والبرية لدعم إسرائيل، ورست البواخر وحطت الطائرات المحملة بالأسلحة وأدوات الدمار والقتل لإبادة ذلك الشعب الصغير المحاصر في مساحة مثل علبة سردين. الطائرات تقتل، الصواريخ تقتل، الدبابات تدمر، الجوع يقتل التآمر يقتل، الصمت يقتل ومع ذلك بقي الشعب في غزة صامدا. الآن كل الذين كانوا يحلمون بتدمير غزة وتهجير شعبها من غرب وعرب ومطبعين ومنبطحين انهزموا، خابت أحلامهم وأخفضوا أعلامهم وسكت إعلامهم. الذين كانوا يناصرون غزة، وهم قلة، بدأوا يؤمنون بالمعجزات،  أصبحوا يقولون في أعماق اعماقهم أن غزة تحولت إلى معجزة، وأن هناك جنود لا يبصرهم أحد يقاتلون مع مقاتلي غزة. كيف لم تنفد ذخيرة مجموعات المقاومة بعد ستة أشهر من إطلاق النار ليل نهار، كيف لم يتم تفكيك خلايا ومفارز المقاومة، كيف لم يتم ردم الانفاق، كيف يتم نقل الصواريخ وإطلاقها يوميا على العدو، أين يختفي قادة المقاومة. الآ يكفي هذا أن تصبح مقاومة غزة معجزة.

 


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء