لنعيد ملف أسبانيا إلى الأمم المتحدة كقوة مستعمِرة للصحراء الغربية

Resultado de imagen de acuerdo madrid sahara occidental
تحل علينا اتفاقية مدريد لتذكرنا بكل المآسي التي جلدتنا، وبكل المرارات التي ذقنا وتجرعنا والتي حبسنا في حلوقنا زمنا، والتي أظن أنه آن الأوان كي نطلقها. تحل هذه الذكرى التي نسميها جميعا أليمة، ونلعن كلما تذكرناها المغرب وأسبانيا وموريتانيا ولد داده والحسن الثاني وخوان كارلوس، وأسماء الاشخاص الذين وقعوها. كلما حلت نروح نكرر تلك العبارات التي حفظنا، والتي تقول أنها اتفاقية غير شرعية ولا تعترف بها” الأمم المتحدة” ولا يعترف بها مجلس الأمن ولا مجلس الحرب، ولا يغطيها بغطاء الشرعية اي قرار دولي مهما كان ضعيف الاسناد، ولا يغطيها حتى نسيج العنكبوت. هذا كله صحيح ومسند وحقيقي ومؤرشف، لكن، من جهة أخرى، وقع خطأ كبير في سياستنا الخارجية والإعلامية في تعاملنا مع الأمم المتحدة ومع المجتمع الدولي، وهو أنه ما ان وقَّعت أسبانيا اتفاقها ذلك مع المغرب وموريتانيا وهربت إلى ما وراء البحار، حتى نسيناها وسكتنا عنها ولم نرفع في حقها أية دعوى على أساس أنها هي المسئولة تاريخيا، وهي التي كان من المفروض أن تبقى هي المسئولة في ما حدث لنا. ما أن خرجت أسبانيا حتى وجهنا بنادقنا وصدورنا وأبواق إعلامنا نحو المغرب، متناسيين القوة الحقيقية التي بيننا معها الحساب والعقاب وهي أسبانيا.

فحسب هذا الذي يسميه الكبار القانون الدولي، ويلوون عنقه وذراعه إذا لم يتطابق مع مصلحتهم، أسبانيا كان يجب أن توضع هي والمغرب في نفس الخانة كلما تعلق الأمر بمرافعتنا عن قضيتنا في الأمم المتحدة وفي كل المحافل الدولية خاصة أمام منابر حقوق الإنسان وأمام ندواتها.
أظن أنه من الصحيح سياسيا وإعلاميا، من الآن فصاعدا، هو إعادة صياغة الخطاب السياسي من جديد خاصة الموجه نحو العالم الخارجي وإعادة صياغة الخطاب الإعلامي ووضع المغرب وأسبانيا في خانة واحدة. فأي تقرير أو مذكرة موجهة للأمم المتحدة يجب أن يتم إدراج اسم أسبانيا إلى جانب اسم المغرب كونهما قوتين إحداهما مسئولة قانونيا أمام الأمم المتحدة عن مصير الصحراء الغربية بصفتها مستعمرتها السابقة، والثانية محتلة للإقليم بطريقة غير شرعية.
فإعادة صياغة أسس الخطاب السياسي الموجه للخارج وللأمم المتحدة، بصفة خاصة، ولمجلس حقوق الإنسان، تقتضي أن يتم إدراج اسم أسبانيا مع المغرب كطرف للصراع ضد الشعب الصحراوي. فالمعقول أنه، ومنذ البداية، كان يجب يتم الحديث عن أسبانيا وإحراجها وحشرها في نفس الخانة مع المغرب كطرف للصراع وكاستعمار له مسئولية عن الأرض التي لازالت إلى اليوم، قانوينا، تحت سلطته.
والواقع أنه كان يجب أن نكون نحن، بصفتنا أصحاب القضية، من يحرك، كلما أتاحت الفرصة ذلك، قضية أن أسبانيا يجب أن تبقى مسؤولة أمام المنتظم الدولي عن الصحراء الغربية إلى أن تتم تصفية الاستعمار منها.
لكن يبدو أن العكس هو الذي حدث. بقينا ننتظر ونقاتل حتى غمزتنا الأمم المتحدة في سنة 2002م، عندما أصدر المستشار القانوني للأمين العام مذكرته الشهيرة التي تقول أن المغرب لا يمتلك السيادة على الإقليم الصحراوي ولا على ثرواته. الآن كلنا نتحدث عن تلك الاستشارة كأنها فتح من السماء، لكن لم نفهم غمزة الأمم المتحدة منها. هي في الحقيقة ليست غمزة، لكن إشارة واضحة وتقول أنه عليكم ايها الصحراويون أن ترفعوا هذه الوثيقة القانونية أمام العالم بأن جزء كبير من الحساب أو الحساب كله يجب أن يُصفى مع أسبانيا.
لا يبدو أن هناك اي إحراج دبلوماسي الآن إذا أعدنا صياغة خطابنا من جديد بإضافة اسم أسبانيا إلى اسم المغرب كطرف في الصراع. سيكون، ربما، التأثير أكثر فعالية وأكثر مردودية، وستجد أسبانيا، ” الدولة الديمقراطية”، ” العضو في الاتحاد الأوروبي” نفسها هي والمغرب، الممكلة القذرة، المتعفنة التي لا تحترم حقوق الإنسان، في نفس الصف أمام الأمم المتحدة. إن وضع أسبانيا، ورسميا، في خانة مع المغرب الذليل سيجعل الاتحاد الاوروبي يحس، هو أيضا، أن دولة من دوله لا زالت تمارس صفة الاستعمار في مستعمرة أصبحت أشهر من نور على علم.
وليس الاتحاد الاوروبي وأسبانيا هما من سيشعر بالإذلال، لكن أيضا الشارع الأسباني بمختلف قواه السياسية والمثقفة سيستيقظ، بكل تأكيد، على نبأ صادم.
إن توقيع أتفاق مدريد كان عملية قرصنة، وكان موقعوه يظنون أن الشعب الصحراوي لن يصمد وسيتم طي الملف في سنة كأقصى تقدير، وتتجسد عملية السرقة بكل اركانها، لكن حين لم يحدث ذلك بدأ التململ يعرف طريقه الى الأجندات في المنطقة كلها.
الآن أظن أن البوليساريو، بصفتها طرف معترف به دوليا في الصراع على الصحراء الغربية،   يجب أن ترفع مذكرة رسمية إلى الأمم المتحدة تقول فيها أن أسبانيا يجب أن تضاف إلى المغرب كطرف في الصراع. البعض يمكن أن يقول أن مثل هذه المذكرة قد لا تلقى اي تجاوب أو رواج من طرف المجتمع الدولي، لكن الحقيقة أن إصرارنا نحن، دبلوماسيا وإعلاميا، وتوجيهنا لكل قوتنا نحو هذا الهدف سيجعل المجتمع الدولي يستمع لنا، وسينظر بعين الجدية للموضوع.( المقال منشور سابقا)

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء