المقاومة الصحراوية السليمة: الفيضان الشعبي الصحراوي وإرهاب المخزن ( دراسة تابع)

1- إرهاب شعب مدني أعزل...

تعتبر الجرائم التالية انتهاكات جسيمة للقانون العالمي المدني:

1-  الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية وبخاصة القتل بجميع أنواعه، والتشويه والمعاملة القاسية والتعذيب.

2. - الاعتداء على الكرامة وبخاصة الإهانة وسوء المعاملة، والمعاملة الحاطة بالكرامة.

3. - أخذ الرهائن.

4. - إصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلا نظاميا تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف عموما بأنه لا غنى عنها.(32)

شهادة حية:

" ثلاث سنوات في الاختفاء القسري السري وعينايا مغمضتان ولا أحد يعرف أين أنا.! لقد كان عمري 20 سنة عندما اختطفت من منزلي وعُذبت لمدة ثلاثة أسابيع متواصلة. لقد القوني على طاولة وقيدوا ارجلي ويديً ورأسي إلى الخلف، ووضعوا على فمي وعيني وأنفي كمامة مبتلة بماء جافيل. لقد ضربوني على الأرجل بأسلاك الكهرباء ووضعوني على وجهي وأطلقوا علي الكلاب. بعدها أرسلني الذين اختطفوني إلى مخزن قديم للأسلحة موجود منذ العهد الأسباني تم تحويله إلى سجن سري يحمل اسم البئر، وقضيت هناك عدة شهور على مقعد واحد في أحد الممرات خرساء وعينيً معصوبتين 24 ساعة والحارس واقف بجانبي. ساءت حالتي الصحية حتى أصبحت عظاما في جلد رقيق. والمشكلة أنني أعرف، وبالأسماء، كل الذين كانوا يعذبونني في السجن، وهاأنا أراهم كل يوم في الشوارع يبحثون عن ضحايا جدد، و لا أحد يعاقبهم.  "

    مينتو حيدار سجينة سابقة، ضحية للقمع المغربي ومدافعة عن حقوق الإنسان.

بشمولية الانتفاضة لكل مواقع التواجد الصحراوي في الوطن المحتل وداخل المغرب، يكون الفيضان قد كسر السد القديم وانطلق إلى فضاءات أوسع وأرحب. فلكبح جماح الانتفاضة المتواصلة انتهجت المملكة المغربية خطة إرهاب المدنيين لحصر التظاهر الشعبي حتى يتم تجفيف منابع الفيضان البشري الذي بدأ ولم يعد أحد يمكن أن يتحكم فيه. ومشكلة المملكة المغربية أن الانتفاضة الصحراوية ليست انتفاضة اجتماعية يمكن تطويقها بحل المشاكل التي ألهبتها، إنما هي انتفاضة تطالب بحق قانوني هو تقرير المصير، وتحت هذا الحق تنضوي لائحة طويلة من حقوق الإنسان المعترف بها دوليا والتي يتم هتكها في الصحراء الغربية. ولمَّا كانت هذه الانتفاضة متميزة في هدفها، ولا يمكن التعامل معها بتوفير متطلبات اجتماعية وحل بعض المشاكل اليومية التي تطالب بها عادة المظاهرات، فإن المخزن لجأ إلى الإرهاب المدني لتصفية النشطاء الحقوقيين الذين يقودونها، والشباب الذي يحمل أعلامها في الشوارع يوميا.

إن ما نطلق عليه إرهاب المدنيين من طرف المخزن، قد لا يكون جديدا كإستراتيجية لا أخلاقية يلجأ إليها نظام عاصي مع شعبه ليصفي الذين يعارضونه، أو الذين لا يتفقون معه في التصور. إنه إرهاب تقوم به الدولة الخارجة عن القانون والأخلاقيات، وتنفذه أجهزة بطشها المختلفة بشتى الطرق. في هذا الإطار يمكن أن نذكر الكثير من الأنظمة التي مارست ظاهرة إرهاب معارضيها مثل الديكتاتوريات القديمة في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، لكن حديثا لم يبق يقوم بهذه الظاهرة المشينة سوى نظامين هما النظام المغربي والإسرائيلي. إن النظام المغربي نظام معقد نفسيا بسبب عدم تمتعه بالشرعية السياسية والديمقراطية، ويحس انه في مواجهة مع الجميع بما فيهم شعبه وجيرانه. ومما زاد من تعقيد وضعه غير القانوني اعتدائه على جيرانه كلهم وتهديدهم في البر والبحر. ففي الماضي خاض هذا النظام الكثير من المعارك مع شعبه في الريف والجنوب واغرق المنطقة في الدم لكبح جماح التمرد، لكن ذلك الفعل لا زال ماثلا في ذاكرات تلك المجموعات العرقية التي نُكل بها، ولا زال الغضب لم يطفأ في صدور أهلها.

منذ 1975م وهذا النظام يمارس الإرهاب ضد المدنيين الصحراويين المتحدين تحت مظلة تاريخهم وثقافتهم وسلطتهم الاجتماعية ونظامهم السياسي. ومنذ ذلك التاريخ أيضا وهم يكررون نفس المطلب، وهو تقرير المصير والحرية وخروج الاحتلال. لكن المشكلة أنه ما لم يفهم النظام المغربي أن الشعوب لا يمكن القضاء عليها، وأن الهدف الذي يموت من أجله أهله هو هدف سيُوصل إليه، فإن القضية ستظل مزعجة بالنسبة للمغرب والمنطقة.

إن الانتفاضة الصحراوية السلمية كانت نموذجا حيا للمعارضة التي تمت محاولة تصفيتها عن طريق إرهاب الأجهزة المخزنية لها بطرق لا تعد ولا تحصى. ومثلا، إذا حاولنا أن نعد بعض هذه الطرق التي تم تجريبها سنجدها تسير في اتجاه واحد هو إرهاب حسب الهوية يستهدف الصحراويين بالتصفية بكل أنواعها. ورغم أن هذا النوع من الإرهاب مورس منذ البداية، إلا انه كُثف ضد انتفاضة الاستقلال بطريقة ممنهجة وبأساليب أكثر من السابق. وهنا يمكن أن نذكر بعض الحالات من هذا الإرهاب الذي تعرض له نشطاء الانتفاضة الصحراوية.

• Twitter
• Facebook
• Google
• Tumblr
• Pinterest