فالذين تم تجميعهم بالقوة من المساجين
والفقراء وقطاع الطرق ومن عفى الملك وأولئك الذين كنوا يفترشون الشارع ويسكرون في
الحانات، تم حشرهم في شاحنات كبيرة مثل الغنم والحيوانات، وتم توجيههم إلى طرفاية
وطانطان، وبسبب كثرتم لم يجدوا شاحنات كافية تحملهم فتم أمرهم بالقوة بالمشي حفاة
عراة إلى حدود الصحراء.. كانت مسافة طويلة وشاقة في وقت حار نسبيا وتحت رياح قوية
قاتلة، وخلال ثلاة أيام- 6، 7، 8- وهم يعانون.. حدث بين صفوفهم القتل والجريمة والأغتصاب
وأفترسهم الجوع في تلك الصحراء التي لا ترحم.. بسبب الجوع بدؤوا يهددون بالإضراب،
وحين وصلوا إلى نقطة معينة لم يعد ينفع فيهم الضرب ولا التهديد وقرروا التوقف..
بنوا الخيام وتمددوا تحتها وبقوا هناك ينتظرون في فوضى عارمة.. بالنسبة للصور التي
جالت العالم حول المسيرة فتم التقاطها في اليوم الأول؛ اليوم الاستعراضي الذي كان
فيه الصحفيون من العالم حاضرين، وكانوا يصورون.. بعد أخذ تلك الصور تم طلب من
الصحفيين مغادرة المكان في طائرات مروحية وعادوا إلى مراكش وهم يظنون أن المسيرة
ستتواصل حتى تصل إلى الصحراء الغربية. بعد مغادرة الصحافة العالمية بدأت المسأة..
بدأ الجوع والوسخ والحر والرياح يفترسون ال350 الفا من المجرمين وقطاع الطرق
والحناشين المشاركين في المسيرة.
فالآن الصحافة المغربية والأرشيف لا يستطيع
أن يُظهر أية صورة – نتحداهم- للمسيرة وهي تدخل العيون والسمارة والداخلة. المسيرة
توقفت يوم 8 نوفبمر 1975م وبدأ الفرار في صفوفها خاصة بعد وصول معلومات أن الطريق
ملغمة وأن البوليساريو سيقتلون كل المشاركين في المسيرة.. رفضت تلك الجموع التقدم
فتدخلت قوات المخزن بملابس مدنية، وبدأت تضرب وتهدد وتغتصب لكن ذلك لم ينفع.. بدأت
الأمراض تنتشر بين صفوفهم وبدأ الجوع ينهش بطونهم وبدأت الماسأة.. يوم 9 نوفمبر، في الليل، تم أمر المسيرة بالرجوع، فعادت
تلك الجموع في طريقة فوضوية إلى المغرب وعادت إلى عاداتها في السرقة والقتل والنهب
دون أن ترى لا وادي الذهب ولا الجنة التي وعدهم بها الملك.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء