وبناءا على التصريح الأسباني، فإن القرار المتبني لاحقا من طرف
الجمعية العامة، الذي كان من المفروض ان يُعتبر كل الأراضي وراء البحار، الواقعة
تحت الادارة الاسبانية والبرتغالية هي أراضي مستعمرة قد قُلص الى أعتبار الأراضي
الواقعة تحت السيطرة الأسبانية هي وحدها المستعمرة، بناء على تصريح أسبانيا التي أبدت
استعدادا لتقديم معلومات عنها طبقا لميثاق الامم المتحدة.*ورغم التجمعات والجلسات
الا ان الأمم المتحدة اكتفت بالتعميم فقط دون ذِكر البلدان المستعمرة بالاسم، وهذا
سبب اخر جعل أسبانيا تبالغ في تعتيمها حول الصحراء الغربية، المستعمرة الكبيرة
الموجودة في حوزتها. بعد النقاشات المعمقة في الامم المتحدة تبنت الجمعية العامة
يوم 15ديسمبر 1960 القرار رقم 1542،الذي تقول النقطة الرابعة منه:" ان اللجنة
تحي بارتياح تصريح ممثل أسبانيا القاضي بقبول حكومته تقديم معلومات الى الأمين
العام طبقا لمواد الفصل 21 من الميثاق. اما في المادة الخامسة فيدعو القرار أسبانيا
الى للمشاركة في أشغال لجنة المعلومات الخاصة بالاراضي المستعمرة.*
في نهاية اشغال الدورة تم انتخاب مساعد الممثل الأسباني الدائم كنائب لريئس لجنة المعلومات الخاصة بالاراضي
المستعمرة.
في نهاية سنة 1961م وبداية 1962م، بدأت اسبانيا من جديد بحملة اخرى
للتنقيب عن البترول في الصحراء، شجعها على ذلك تفجر عيونه في الصحراء الجزائرية،
فاعتقدت ان كل كل صحراء هي خزان للبترول، وما دامت المنطقة مجاورة للصحراء
الجزائرية، وتحمل اسم "الصحراء"، فإن البترول موجود في قلبها بدون شك،
واستدعت لهذا الغرض اكثر من 20شركة اجنبية لكنها لم تعثر على بترول ذو جودة عالية.
يقول الصحراويون ان إطلاق اسبانيا اسم "الصحراء الغربية"
على وطنهم، هو نوع من المناورة السياسية هدفها لفت انظار العالم عن ما يوجد بها من
خيرات، حتى لا يطمع فيها أحد، خاصة الدول المجاورة، اما الهدف الثاني فهو اعطائها
مساحة اوسع وعدم تأطيرها في اطار حدودي مغلق.إن كلمتي " الصحراء
الغربية" كلمتين غير بريئتين، الاولى تجعلها قاحلة، والثانية تحرض الغرب ان
المنطقة موجودة في حدوده الجيوسياسية ويجب ان يحميها ولايفرط فيها.
مرة أخرى تم إحراج أسبانيا على صعيد الامم المتحدة أمام الجمعية
العامة في دورتها العادية المنعقدة سنة 1961م، مما جعل ممثل اسبانيا يصرح يوم
18ماي من نفس السنة، في الجلسة 239 امام لجنة المعلومات قائلا":- ان وجود
اسبانيا في افريقيا لم يكن ابدا ذا طابع استعماري، ولم يسبق لها ان كانت دولة
استعمارية. في أسبانيا كلما ذُكرت كلمة المستعمرات، بما تحمله هذه الكلمة من معنى
الاً ويحس الأسبان ان ذلك يمسهم في ارواحهم. ان أسبانيا أصبحت مستعدة لتقديم
معلومات عن الصحراء الغربية ومنطقة فرناردو باو ووادي موني، ونطلب ان يعتبر هذا
التصريح معلومات تقدم للامين العام طبقا للمادة 73من الميثاق الاممي." *
لاحقا قدمت أسبانيا بعض المعلومات، لكن لم تكن معلومات كافية مهمة،
ولا تفيد الجمعية العامة لمعرفة الوضع الحقيقي للصحراء الغربية، بل كانت معلومات
عن الخطوات السياسية التي قامت بها أسبانيا لغرز اوتادها في الاقليم، وليست عن
الخطوات المتبعة لتصفية الاستعمار منه.
ضاقت الدائرة أكثر فخرجت أسبانيا من صمتها مضطرة،
وصرحت بمستعمراتها بالاسم لاول مرة، خاصة
الصحراء الغربية التي كانت أكبر من ان تبقى في الدائرة المظلمة، وهو تصريح كان يجب
ان يتم سنة 1960م الاً ان التماطل الاسباني، وعدم جدية الامم المتحدة ساهما في
تأجيليه. بعد التصريح الأسباني، أصبح من المفروض على الامم المتحدة ان تطبق عليها
قرار منح الاستقلال للشعوب والبلدان، وهو قرار تبنته الجمعية العامة تحت الرقم
الشهير 1514 (د15) يوم 14ديسمبر 1960م ونذكر الان بعض النقاط المهمة من هذا القرار
الشهير":
- ان يكون للامم المتحدة دور معتبر في دعم حركة الاستقلال في البلدان
المستقلة وغير المستقلة.
- الاعتراف ان شعوب العالم تريد التخلص بسرعة من الاستعمار في كل
مظاهره.
- الاقتناع التام ان لكل الشعوب الحق الشرعي في الحرية التامة لممارسة
سيادتها على كامل ترابها الوطني.
- الاعلان الفوري بضرورة وضع نهاية سريعة غير مشروطة للاستعمار بكل
اشكاله ومظاهره.*
هذه بعض نقاط من هذا القرار الشهير وعلى ضوئها كان يجب ان تدرج
الصحراء الغربية في لائحة الدول غير المستقلة، لكن تم تناسيها ثلاث سنوات بعد
صدوره.
من زاوية ثانية عرف شهرافريل من سنة 1962م حدثا اخرا هاما، وهو تأسيس
اللجنة الخاصة لتصفية الاستعمار التي صادقت في خريف السنة المذكورة على لائحة تضم
" البلدان غير المستقلة التي أُرسلت معلومات بشأنها ومن بينها المستعمرات
الاسبانية مثل الصحراء الغربية، فرنادو باو وادي موني. وبعد فحص اللائحة اعتبرت
اللجنة الخاصة ان الصحراء الغربية أصبحت في حالة تؤهلها لتدرج في لائحة الدول التي
يجب ان يطبق عليها القرار 1514(د15).
في نهاية اشغال الدورة أُنتخب ممثل أسبانيا الدائم في الامم المتحدة
كريئس للجنة المعلومات حول البلدان المستعمرة.
أبتداء من سنة 1963م، اضطرت الامم المتحدة ان تهتم قانونيا بقضية
الصحراء الغربية، فهي أرض مستعمرة، وعلى المنظمة العالمية ان توصلها الى استقلالها،
وتأخذ بيد شعبها الى ان يقرر مصيره . ففي افريل سنة 1963م أُدرجت الصحراء الغربية
في قائمة الدول المستعمرة، وبموجب ذلك أصبحت حالة إقليم الصحراء الغربية كما
حددتها الامم المتحدة بالمفردات التالية:"- ان اقليم الصحراء الغربية يعتبر إقليما
غير متمتع بالحكم الذاتي، وينطبق عليه اعلان منح الاستقلال وفقا لقرار الجمعية
العامة رقم 1514( د15) لسنة 1960م.*
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء