المقاومة الصحراوية السلمية: كديم إزيك والمعركة الإعلامية ( دراسة يتبع)


Resultado de imagen de gdeim izik laayounإن وصول أخبار، بالصوت والصورة عن اعتصام مخيم كديم إزيك إلى العالم، إلى الصحراويين، وبالخصوص إلى قنوات الأخبار، زاد من الضغط على أعصاب سلطات الاحتلال وشبكة أجهزتها العنكبوتية. الضغط المستمر وتعاظم ما يحدث في المخيم ألهب الحرب الداخلية بين مختلف الأجهزة المغربية التي لها علاقة بما حدث: فالداخلية تتهم السلطات المحلية، تتهم المخابرات وأجهزة الأمن؛ السلطات المحلية تتهم الداخلية وأجهزة الأمن، وكل جهاز يحاول إن يرمي الكرة الملتهبة، حتى لا تحرقه، إلى يد الأخر. بدأت الأسئلة الإتهامية تسيل بين أجهزة سلطات الاحتلال: من سمح للمخيم أن يقام، لماذا لم يتم التفطن إلى الحيلة، لماذا لا تتدخل قوات الشرطة وتمنع بناء المزيد من الخيام.  لماذا يتم اختراق كبير بهذا الشكل ومن هذا الحجم؟
كانت الأسئلة تتوالد من بعضها البعض، لكن الإجابات كانت غائبة. سارعت وزارة الداخلية والخارجية المغربية إلى محاولة احتواء الأزمة بتشكيل لجنة حوار مع المنتفضين على أساس إن تتم تلبية مطالبهم في العمل، الشغل، السكن، وبلغ بها الأمر إلى إخراج تمثيليات ضعيفة الحبكة والسيناريو. عرضوا صورا في التلفزيون لبعض الشباب يتسلمون عقود عمل ومفاتيح بيوت، لكن أتضح لاحقا أنهم ليسوا من المدينة ولا علاقة لهم بالمخيم بتاتا، إنما طُلب منهم إن يشاركوا في العرض المسرحي الخائب مقابل قرض مالي.
لم تتم الاستجابة للتفاوض الذي اقترحته السلطات المغربية، وهدد المنتفضون انه إذا دخلت أية مجموعة مغربية أو موالية للمغرب إلى المخيم للتفاوض سيتم التعامل معها على أساس أنهم أسرى حرب.

كانت الأيام تمر بسرعة، ومع مرور كل يوم كانت شهرة مخيم كديم إزيك تزداد حتى أصبح هو حديث الساعة والدقيقة لوسائل الإعلام العالمية، خاصة الأسبانية. كل الأضواء تم تسليطها على ما يحدث في المخيم المذكور المحاصر، وزاد الطين بلة أن سلطات الاحتلال كانت تمنع المراسلين من الدخول مما ولَّد فضولا زائدا لديهم لإشباع رغبتهم في معرفة ما يحدث بالضبط. فمثلا كان الصحفيون يطرحون الكثير من الفرضيات مثل: ما يحدث في كديم إزيك هو خطير وإلا لما كانت السلطات المغربية حاصرته هكذا. أو مثل: الصحرايون يتعرضون لحصار حقيقي في مخيم كديم إزيك، ومن المحتمل أن تكون هناك مجزرة. إن منعْ السلطات لدخول الصحافة زاد من ورطة المغرب على المستوى الإعلامي حتى أصبح في قفص الاتهام. أصبح الصحفيون يحاولون الدخول إلى المخيم متخفيين بأية طريقة كانت؛ منهم من تخفى في ثياب امرأة، بعضهم انتحل صفة سائح، البعض الآخر غامر بالدخول بطريقة لم تخطر لأحد على بال. وليس فقط الصحافة الخارجية هي من كان لها الدور الرائد في نقل ما حدث في المخيم إلى الخارج، إنما، أيضا، لعبت الصحافة الهاوية، صحافة الهاتف النقال والكاميرا، الشبكات الاجتماعية دورا رائدا. كان كل ما يقع يتم بثه على شبكات التواصل الاجتماعي ليطير مباشرة عبر ذبذبات الهواء إلى الخارج. إن وصول أخبار انتفاضة مخيم كديم إزيك  إلى العالم جعل الأنظار كلها تتجه إليه. بدأت الجمعيات الحقوقية في العالم ترفع صوتها مطالبة بتدخل فوري عالمي لمعرفة ما يحدث بالضبط في المخيم الثائر؛ بعضها نادى بإيفاد بعثة تحقيق دولي، بعضها الآخر أعتصم أمام سفارات المغرب طالبا الدخول. انتقل الضغط من ضغط داخلي يشكله المخيم كانتفاضة إلى ضغط مزعج، مؤثر، قوي قادم من الخارج تشكله الجمعيات ووسائل الإعلام والحقوقيون.                                      

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء