رغم مرور حوالي
ثلاثة عقود على "تأسيسه" في التلفزيون والجرائد لازالأتحاد المغرب
العربي قابعا في النقطة التي تأسس فيها. لم يتحرك ولا خطوة واحدة نحو الأمام؛
بالعكس يمكن أن يكون تقهقر.. السبب بسيط هو ان المغرب الأقصى يعرقله.. لا يوجد سبب
آخر. فبعد جفاف حبر التوقيع على اتفاقية الأتحاد في 17 فبراير 1987م، بدأت النوايا
تظهر. المغرب الأقصى يريد مغربا عربيا موحدا "وحدة قوية" لكن يُعترف له
من خلاله ب"سيادته" على الصحراء الغربية؛ اي يريد مغربا عربيا لا يتم
ذِكر فيه الصحراء الغربية، ويتم محو حدودها معه..
بالتالي فَشَلَ هذا
المغرب العربي الذي كانت الشعوب تحلم به منذ زمن، وكانت تهتف به. فالشعوب المغلوبة
على أمرها في هذه المنطقة كانت شعوبا مثالية، حالمة، تفكر بقلوبها وعواطفها أكثر
مما تفكر بعقولها.. الآن وصلنا إلى مرحلة الجد؛ مرحلة التفكير بالعقول بدل التفكير
بالقلوب. كيف يمكن أن يتأسس المغرب العربي الآن؟ نضع جانبا العاطفة والعروبة
والإسلام والجوار والماضي والمستقبل جانبا، ونغوص إلى العمق. تلك المبادئ المثالية
التي كانت الشعوب تحلم بها تحولت، في ظل العولمة والنفعية والبرغماتية، إلى سراب.
من الآن فصاعدا، إذا أردنا أن نتحدث عن تأسيس المغرب العربي، يجب ان ننزع من
أذهاننا العروبة والماضي والجوار وكذا وكذا مما هو مثالي، ونتحدث عن التبادل
الأقتصادي، والمنفعة الجيو استراتيجية البرغماتية.. هذا يعني أن كل بلد ستكون له
استراتيجيته الخاصة به في الانتفاع من مغرب عربي موحد. فالمغرب الأقصى ينظر إلى
المغرب العربي كفرصة يلتف بواسطتها على الصحراء الغربية ويهدد الجزائر وموريتانيا،
وبالتالي فالمغرب هو خطر على الاتحاد المثالي أو الاتحاد النفعي الذي تفكر فيه
النخبة. من جهتها الجزائر ترى أن مغربا موحدا ذو حدود مفتوحة - خاصة مع المغرب-
سيشكل خطرا على أمنها القومي: يهددها بالمخدرات، يهدد حدودها، يستنزف اقتصادها،
ولا يصدِّر لها أي شيء مهم. إذن، بين الجزائر والمغرب، الدولتان الطامحتان لزعامة
هذا الاتحاد، لا يمر التيار. الشيء الآخر المهم، أن المغرب لا يريد أن يعترف أن
الجزائر هي الدولة المحورية في هذا الاتحاد ويحاول منافستها. في كل أتحاد توجد
دولة محورية: في الاتحاد الأوروبي توجد المانيا، في اتحاد دول الخليج توجد
السعودية، في أتحاد دول أمريكيا اللاتينية توجد فنزويلا ودول أخرى. في المغرب
العربي، المغرب الأقصى لا يريد الاعتراف أن الجزائر هي الدولة المحورية، ويتصور
نفسه أنه هو الدولة المحورية.
في ظل
هذه المعطيات قد لا يتأسس اتحاد المغرب العربي إطلاقا ما لم يتم أعتراف من طرف
المغرب بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير؛ أعترافه بالجزائر دولة محورية، توقفه
عن تهديد أمن جيرانه بالقوة والمخدرات. إذن، نحن أمام أتحاد ينتظر تغيير شامل في
دولة من دوله وهي المغرب الاقصى.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء