بالنسبة للورقة الثانية التي لعب عليها المغرب،
كانت ورقة وقف التقدم الشيوعي. فغزو الصحراء الغربية كان يتم تحت شعار حماية بقعة
استراتيجية مهمة بالنسبة للغرب وهي ضفة المحيط الأطلسي، وأن إقامة دولة في الصحراء
الغربية يعني أن الجزائر وليبيا "
الشيوعيتين" ستسيطران في اليوم الثاني على المنطقة بكاملها ويتم حتى غزو
المغرب، وأن معنى ذلك أن الشيوعية ستصبح في أيام معدودة في كناريا وبعدها ستصل إلى
تكساس..
من حسن حظ المغرب أنه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي،
واندحار الخطر الشيوعي برزت ظاهرة الإسلام المتشدد في شمال غرب إفريقيا، فبدأت
الممكلة تروج أن الخطر قادم، وأن عشرات من طارق بن زياد سيقتحمون أسبانيا وبعدها
سيفتحون أوروبا كلها، وأنه في مخططهم استعادة الاندلس، وان المغرب هو الدولة
الوحيدة التي ستحمي أوروبا من الخطر الإسلامي.. فعلا بسبب تلك الدعاية وبسبب تخوف الغرب من
الفتح الإسلامي تم دعم المغرب سياسيا وعسكريا للوقوف في وجه المد الإسلامي..
بعد انحصار الإسلام السياسي الذي جعله المغرب
بعبعا يخوف منه الغرب وأوروبا بصفة خاصة، كان من حسن حظ المغرب، أيضا، بروز ظاهرة
الإرهاب في شمال الصحراء الكبرى. مرة أخرى بدأ المغرب يبيع نفسه للغرب انه هو
الوحيد القادر على حماية وجه أوروبا من الإرهاب،وانه بلد مستقر وقادر على الصمود.
الآن، يبدو أن الحظ وتلك الأوراق التي كان المغرب
يبتز بها العالم، خاصة الغرب، قد سقطت في الماء. الآن لا يوجد خطر شيوعي ولا خطر
إسلامي ولا خطر إرهابي في منطقة شمال غرب إفريقيا، وبالتالي بدأ الغرب يلفظ المغرب
ويتأفف منه ويبتعد عنه.. فالمغرب الذي كان رمزا للوقوف في وجه المد الشيوعي والمد
الإسلامي ورمزا للاستقرار السياسي ورمزا لوقف التطرف أصبح، في نظر الغرب، بلدا
لتهديد أوروبا بابشر والمخدرات، وأصبح مملكة تُنتهك فيها حقوق الإنسان، وأصبح بلدا
خارجا عن القانون، وبالتالي المغرب الآن يدفع ثمن استراتيجيته الخاطئة.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء