نهاية تراجيدية لطيار مغربي



ما يحدث في الكركرات الآن يجعل المقاتلين الصحراويين يتذكرون الحرب، ورائحة بارودها، ويتذكرون تلك الملاحم التي لم يعرف لها العالم مثل ملاحم الوركزيز، التي تم فيها القضاء على حوالي 7000 جندي مغربي في عملية واحدة. إلى حد الآن، حين يسيل وادي تيغزرت عند نقاب الوركزيز، يجرف الماء والسيل عظام أولئك الجنود التعساء الموتى في تلك الملحمة ويسوقها في جريانه، وأحيانا يعثر الرعاة على تلك العظام فيدفنونها رأفة بها. نتذكر تلك الملحمة ومعها نتذكر ما حدث لأحد الذين شاركوا فيها، وهو طيار ساقه الطمع وكذب رؤسائه عليه ليلقى حتفه بطريقة تراجيدية بعد أن وقع في الأسر. يوم 17 ديسمبر 1979م كانت قاعدة الزاك محاصرة، ولا يصل إليها من الغذاء ماعدا عُلب السردين والبصل عن طريق الطائرات والتي تتناثر على الصخور فيتقاتل عليها أولئك المحاصرون. كانت العربات المدرعة الصحراوية تحاصرالزاك من كل جانب، وبدأ واضحا أن الفيلق الموجود في الثكنة، وعدده 3000 جندي، سيستسلم. رفض الطيارون المغاربة التدخل لفك الحصار خوفا من سقوط طائراتهم ووقوعهم في الأسر. كل الذين اسقطت طائراتهم قبلهم وقعوا في الاسر او ماتوا مهشمين على الصخور. قامت القيادة المغربية بالتخطيط لعمليات تدمير للمدرعات الصحراوية التي تحاصر الزاك عن طريق الجو. تم منح 15 الف فرنك فرنسي لكل طيار يحطم مدرعة صحراوية ويصورها وهي تحترق. وصل الخبر للطيارين المغاربة المتواجدين في قاعدة بني سليمان. كان المبلغ كبيرا جدا ومجرد ذِكره يجعل اللعاب تسيل. كان يتواجد ذلك اليوم في القاعدة طيار معتز بنفسه اسمه معطاوي محجوب العربي، خريج من الولايات المتحدة وفرنسا، وله خبرة ستة عشر سنة كطيار.  قرر أن يخوض التجربة ويتدخل لمحاولة فك الحصار عن الزاك، وكان في مخططه أن يدمر عربتين صحراويتين ويصورهما وينسحب غانما 30 الف فرنك فرنسي. طار في الصباح، وقام بعملية استطلاع ثم ألقى قذيفة ظن أنها أصابت إحدى المدرعات الصحراوية. أعاد المحاولة كي يصوّر العربة المتضررة، لكن كان هناك صاروخ صحراوي بانتظاره فاسقط طائرته. قفز بالمظلة، وبما انه "متمرس" أراد أن يهبط في مكان فيه القوات المغربية، لكن سقط في حوض سيارة اندروفير لمقاتلين صحراويين كانوا بانتظاره. ورغم أن ذلك اليوم كان سيكون اسؤا يوم في حياته لإنه وقع في الأسر ولم يعود ب30 الف فرنك فرنسي إلا أن يوم وطريقة موته كانت  أكثر تراجيدية من يوم اسره. في الأسر كان معطاوي يتزعم الأسرى ويحرضهم على الهروب ويرسم لهم الخطط.  في احد الأيام خطرت على ذهنه فكرة وهي أن يخطط هو للهروب من الأسر. كان الطيار معطاوي يعمل في فريق الشحن والتفريغ اليومي، فرسم خطة وهي أن يختفي بين الأكياس في الحاوية، وحين لا يجدونه يعتبرونه في عداد الفارين. في الواقع تم اعتباره فارا وبدأ البحث عنه. كانت خطة الاختفاء بين الأكياس تعتمد على الهروب في الليل، حين ييأس الحراس من البحث عنه والعثور عليه.  لكن من سوء حظه أنه حين كان يحاول تحريك الأكياس ليخرج سقطت عليه فقتلته بطريقة تراجيدية. يعتبر ذلك الطيار من اتعس الذين شاركوا في الحرب لإنه لم يحصل على المال الذي وعدوه به ومات بين أكياس العدس بطريقة لا تخطر لأحد على بال. 

blog-sahara.blogspot.com.es 

السيد حمدي يحظيه 

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء