الموقف الموريتاني المريب

 


 

نعلم أن موريتانيا الآن-أكثر من أي وقت مضى- تتعرض لضغوطات كبيرة من طرف المغرب، إسرائيل، الإمارات وفرنسا كي تنضم إلى جوقة التطبيع، ونعلم أيضا إنها-كلها ما عدا وزير خارجيتها- تحاول أن تقاوم هذا الضغط بكل ما تستطيع من قوة محدودة. بالنسبة لجيرانها الصحراويين لا يتدخلون في الشأن الداخلي الموريتاني، ولا يهمهم حجُّ وزير خارجيتها الأسبوعي تقريبا للمغرب، ولا يهمهم طبّعت أو لم تطبع ما عدا في حالة واحدة: أن يكون لما تقوم به تداعيات على القضية الصحراوية أو يشكل خطرا عليها. منذ انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر الماضي-سبتمبر-، أشعرت الجزائر، عن طريق وزير خارجيتها، الأمين العام للأمم المتحدة، انها لن تحضر أية طاولة مفاوضات حول قضية الصحراء الغربية، وأنها طرف مراقب فقط. أعادت الجزائر التأكيد على رفضها الحضور مرة أخرى على لسان مبعوثها إلى الصحراء الغربية عمار بلاني، فتم طي الملف ووضع نقطة نهاية له. وإذا كانت الجزائر قد اعلنت أنها لن تحضر أية طاولة مفاوضات حول قضية الصحراء الغربية، فإن الطرف الآخر المراقب، موريتانيا، لا زال يلتزم الصمت، ولم يؤكد أو ينفي حضوره من عدمه. هذا الصمت الموريتاني "الشقيق"، وعدم المبالاة يمكن أن يدفع الصحراويين إلى النرفزة، وإلى التفكير،  ربما، في أن موريتانيا يمكن أن تفكر في العودة إلى نقطة الانطلاقة سنة 1975م عندما وسوس لها الشيطان في أطماع بائسة في الصحراء الغربية. يعتقد الصحراويون الآن أن تحركات وزير الخارجية الموريتاني وطلعاته الجوية المعلنة والخفية إلى المغرب، تشبه إلى حد كبير تحركات ومؤامرات وزير خارجية موريتانيا سنة 1975م، حمدي ولد مكناس، الذي دفع موريتانيا إلى فم الذئب وحدث لها ما حدث مما لا داعي لذِكره. فحجم الضغط الذي تتعرض له موريتانيا اليوم والإغراءات-خاصة الإغراءات- هو مماثل للضغط عليها سنة 1975م، وهو ما يمكن أن يجعل وزير الخارجية الموريتاني"، إسف التراب"، ويعتقد أن قضية الصحراء الغربية "محسومة" لصالح المغرب مثلما أعتقد ولد مكناس نفس الاعتقاد سنة 1975م، فانضم إلى جوقة المجرمين مقتسمي أراضي وثروات الغير مع بعضهم البعض. فإذا تعنتت موريتانيا وأصرت على الحضور للمفاوضات المباشرة حول الصحراء الغربية، تحت ذريعة وصية من مجلس الأمن، فهذا يجعلها تكرر ما فعلته سنة 1975م، ويجعل الصحراويين يغضبون أو يتحركون. يتحجج وزير الخارجية الموريتاني بتوصية بائسة من مجلس الأمن صدرت سنة 2018م. توصية مجلس 2440 الصادرة سنة 2018م، كانت لتجريب إمكانية حضور الطرفين- البوليساريو والمغرب- والطرفين  الملاحظين- الجزائر وموريتانيا- لطاولة مستديرة، لكن المغرب أفشل تلك المحاولة الأولى والأخيرة وهو ما دفع المبعوث الأممي إلى الاستقالة. إذن، انتفى مبرر الحضور الموريتاني لطاولة مفاوضات مباشرة. فحسب المعلومات من موريتانيا، فإن المغرب اقنع وزير الخارجية الموريتاني الحالي بالتمسك بالحضور في المفاوضات المباشرة مقابل صفقات سياسية واقتصادية. تبقى البيضة المكسورة الآن في يد الرئيس الموريتاني، الذي عليه أن يكبح تآمر وزير خارجيته. 

blog-sahara.blogspot.com.es 

السيد حمدي يحظيه  

  


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء