الوفد الأمريكي يقلب الصفحة في المغرب



في الرباط كان الملك المغربي فرحا بعد علمه من خلال السفارة الأمريكية في الرباط أن "المسعى" الأمريكي المتعلق بإطلاق سراح الأسرى المغاربة لدى البوليساريو قد نجح. سيعود الأسرى وسيتم استقبالهم على أساس أنه تم إطلاق سراحهم بدون أي مقابل، وسيتم لجم الأفواه المغربية التي تتحدث بسر يصل إلى حدود العلانية أن المغرب تخلى عن " أبطاله" الذين حاربوا في الصحراء، وانه نساهم وتخلى عنهم ولم يقم بأي مجهود لإطلاق سراحهم. الآن سيعود الجنود بعد التدخل المفاجئ للرئيس الأرعن بوش الذي سيطلب، بدون شك، مزيدا من التسهيلات من المغرب " لمحاربة الإرهاب" في افغانستان والعراق.     
كان الملك ووفده ينتظر الوفد الأمريكي الذي جاء يحمل معه خبر إطلاق سراح الاسرى. اللقاء مع الملك تم يوم 22 غشت ودام 40 دقيقة، وبدأه الملك بشكر الرئيس بوش والإدارة الأمريكية على تدخلهم "لتحرير" الأسرى المغاربة، وقال ملمحا إلى الضغط الأمريكي على البوليساريو، "أن قضية إطلاق سراح الأسرى كان " أمرا واقعا".
سلم السيناتور الأمريكي رسالة من طرف بوش إلى الملك مؤرخة بتاريخ 15 غشت، وحين بدأ يتصفحها قال وهم يبتسم، أنه" يعرف ان الولايات المتحدة هي محبطة بعض الشء بسبب عدم إحراز أي تقدم فيما يخص العلاقة بين الجزائر والمغرب." ورغم أن أي شخص كان يمكن أن يتصور ان الوفد الأمريكي، الذي جاء لإطلاق سراح الأسرى المغاربة كان يجب- ولو أخلاقيا- ان يطلب من المغرب ولو بعض الطلبات او التنازلات الشكلية كمقابل للصفقة ولقبول البوليساريو بالوساطة، إلا أن العقيدة الأمريكية التي لا تعترف بالأخلاق ولا بالأعراف أنتصرت في النهاية. الأمريكي، حين يتعلق الأمر بالسياسة، لا يعترف بالأخلاق ولا بالأعراف؛ يذهب مباشرة إلى هدفه بواسطة الضغط ومتعود على النظر إلى الصغار انهم ضعفاء وغير قادرين على المواجهة. في اللقاء مع الملك المغربي تم طي صفحة قضية الصحراء الغربية وقضية الاسرى وتم تجاهل المطالب بالضغط على المغرب التي طلب الرئيس الصحراوي من الوفد الأمريكي. ذهب النقاش في أتجاه آخر: العلاقات بين الجزائر والمغرب. قال الملك أنه عمل ما في وسعه كي يحسن العلاقات مع الجزائر مثلما تريد الولايات المتحدة الأمريكية، لكن وخلال زيارته في ابريل للجزائر قال الملك أنه" شعر انه كان مثل أي متسول وهو يعود من الجزائر."
بدأ السيناتور الأمريكي لوغار الحديث، وبدل أن يفتح مع الملك قضية الصحراء الغربية والاستفتاء وقضية المعتقلين الصحراويين والمفقودين، طلب من الملك أن يبادر أكثر في اتجاه تحسين العلاقة مع الجزائر بهدف فتح الحدود او فتح نقاش عام حول كل القضايا، خاصة قضية الصحراء الغربية.. حين وصل الدور على الملك محمد السادس، قال أنه فعل الكثير وأنه أقترح ان يكون هناك مبعوث سري بين البلدين، وانه طلب ذلك أكثر من مرة، لكن بدون جدوى.. على عكس الملك المغربي، كان السيناتور الأمريكي يقاطع اثناء الحوار. قال له انه عليه أن يحاول مرة ثالثة ورابعة مع الجزائر.
بسرعة غير الملك مجرى النقاش، وقال للوفد الأمريكي، أنه رغم كل المشاكل العالقة فإنه يتطلع إلى لقاء المبعوث الخاص للأمين العام الجديد فان والسوم، وان المغرب سيسلمه نسخة منقحة من مخطط الحكم الذاتي الذي لم ينجح في المرات السابقة مع كوفي عنان، وأكد أن قضية الصحراء الغربية هي قضية مغربية جزائرية محضة ..
خرج النقاش تماما عن سكة قضية الصحراء، وقضية العلاقة مع الجزائر وتوجه إلى الإسلاميين. حين ذكر السيناتور الأمريكي " الإسلاميين في المغرب" فتح الملك عينيه متعجبا، وطلب منه أن لا يذكر هو ولا أمريكا الإسلاميين لإنهم " كلهم سواء كانوا متشددين أو معتدلين هم أعداء تقليديون لأمريكا."
هكذا تم طي صفحة آخر أسرى عسكريين كانوا بحوزة جبهة البوليساريو. تم أنتزاعهم من البوليساريو بوساطة أمريكية وعلى الطريقة الأمريكية: بدون مقابل ولو بسيط. ورغم أنه، ولو من الجانب الإنساني البسيط، كان الوقت قد حان لإطلاق سراحهم إلا أن "الوساطة" الأمريكية أبانت عن العقلية الأمريكية السياسية التي لا تعترف بالأعراف الدبلوماسية. كان يجب ان تطلب أمريكا من المغرب ولو طلبا بسيطا مثل إطلاق سراح المعتقلين الصحراويين أو البحث عن المفقودين أو تخفيف القيود عن النشطاء الحقوقيين، لكن أي شيء من هذا لم يحصل. بدأت تضغط في أتجاه آخر تماما..( للموضوع مراجع في Public libarary of usa diplomacy , wikileas.org, )   

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng