إذا
كانت الأسرة العلوية قد سلبت المغرب كل شيء وصادرت تاريخه وكرامته وذاكرته وحقه في
الوجود كبلد واختصرته في ملوكها وتاريخهم وأسمائهم فقط، فإنها من جهة أخرى تتفنن
في إهانة شعبه واحتقاره إلى أقصى الأبعاد. فنحن نعرف أن كل شيء في المغرب موسوم
بإسم الملوك العلويين من تاريخ وعلم وفرق رياضية وأوراق مالية وطوابع بريدية
وأسماء شوارع وساحات، وإذا أردت الاختصار تستطيع أن تقول أن المغرب هو الأسرة
العلوية والعكس صحيح.
فمن
المؤسف له أن أي ملك من ملوك الأسرة العلوية لم يكن كريما في أي يوم من الأيام مع
شعبه، فبالإضافة إلى أنه يتحكم في البلد والشعب بيد من حديد ويمسك كل الخيوط
الرقيقة والغليظة بأصابعه فإنه من واجهة ثانية لم يكتف بهذا بل يمعن في إذلال الشعب وعقابه إلى أقصى
الحدود. فهو يطلق العنان لأفراد أسرته كلهم، أو بعبارة اصح، أفراد الأسرة وتوابعها
والملحقين بها كي يمارسون سلطة مطلقة في كل المملكة طولا وعرضا وينعتون للشعب أنهم
كلهم ملوك وعليه أن يطأطئ لهم رأس الخضوع والركوع والخنوع. إن كل أفراد الأسرة
المالكة في المغرب يلعبون أدوارهم في تملك الشعب المغربي وإركاعه لهم كلما أُتيحت
لهم الفرصة، فيتلذذون برؤية الناس يركعون لهم ويخافون منهم ويرتعدون أمام أقدامهم
ويقبلون أيديهم. فأقارب الملك كلهم يمارسون
خرجاتهم ليتفقدون مملكتهم كلما أحسوا بضجر القصور ومسابح العطر المنتشرة في القصور
الملكية الكثيرة. فإذا خرج أحد أفراد الأسرة المالكة إلى الشارع، حتى لو كان خارجا
للتنزه فقط، فإن المكان المقصود، مدينة أو قرية، يستنفر عن أخره وتضرب فيه طبول
الرهبة والخوف فيركع الجميع ويستعد حتى يمر الموكب الملكي. ولا يقف الأمر عند هذا
الحد، بل أن أفراد الأسرة المالكة لهم سلطة وسطوة على الوزراء والمسئولين والحكام
فمن حقهم توبيخهم وتقريعهم وحتى إقصائهم من مناصبهم إن أرادوا، فلا يوجد قانون
يحمي المسئولين من جبروت أفراد الأسرة المالكة وسطوتهم. فمثلا حتى أبن الملك محمد
السادس الصغير الذي لا يصل عمره إلى خمس
سنوات صار يمارس تكبره من الآن، ومفروض على الناس الركوع له وتقبيل يده وخشيته ثم
وأسمه الآن مكتوب بالبنط العريض على الكثير من الشوارع والمدارس في المغرب، وصار
يخرج مع والده في زياراته التفقدية لا لشيء سوى لرؤية الناس، بما فيهم الشيوخ،
يركعون له ويقبلون يده وهو يبتهج لذلك. وإذا كان اسم هذا الصبي مكتوب الآن فوق
الشوارع والمدارس فهل أنه لا يوجد في المغرب من هو أحق من هذا الصبي بتخليده
وكتابة أسمه على الشوارع والساحات أم لإنه فقط ابن الملك فهو فوق الأبطال
والمفكرين والشرفاء,.؟
هل
انه قدر أن يظل المغرب مملوكا كل هذه القرون من طرف أسرة واحدة، ويظل المغربي
مسكينا دائما يركع لأفراد الأسرة المالكة ويشتري صورهم ويعلقها في بيته، يدعو لهم
بطول العمر وبالنصر، يخاف من المخزني والشرطي والمسئول والقائد وكل من له علاقة
بالسلطة والمملكة.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء