بصمته وابتسامته المعهودة وهدوء أعصابه
ورجاحة عقله رحل احمد باب مسكى في صمت، وبدون ضجيج رغم الظروف الصحية الصعبة التي
كان يمر بها، والتي تحملها بصبر. الصحراويون يعرفونه مناضلا في صفوفهم منذ سنة 1973م تقريبا، ويعرفونه
عضوا في مكتبهم السياسي لمدة من الزمن، وأكثر من ذلك، وهذا هو الذي جعلهم يحبونه
ويقدرونه، أنه بقى وفيا لهم ولقضيتهم حتى توفى رافعا رأسه. مشاركته في المؤتمر
الرابع عشر للبوليساريو كانت زيارة وداع. لم يكن قادرا أن يتكلم؛ فقط كان يبتسم
بتواضع لم تفقده لا الثقافة ولا التاريخ بريقه.. نعود إلى تاريخ أحمد باب مسكى
فنجد أنه قام بعمل كبير لصالح بلده حين فرض على الأمم أن تعتبر موريتانيا طرفا
معنيا في قضية الصحراء، قاطعا الطريق، هكذا، على المغرب أن ينفرد بالمطالبة
بالصحراء الغربية أنذاك.. أكثر فحسب كتاب الدبلوماسي الأسباني فرانسيكو فيلار الذي
يحمل عنوان " تقرير مصير الصحراء الغربية" الصادر سنة 1982م بمدينة
فالنثيا، فإن احمد باب مسكى، حين ظهر له أن المغرب يريد الاستحواذ على الصحراء
الغربية بمفرده، تقدم هو أيضا بعريضة باسم دولته يعتبر فيها أن الصحراء هي جزء
"تاريخي" من موريتانيا، وإذا كان أحد من الدول المجاورة سيطالب بالصحراء
الغربية تاريخيا وثقافيا فهي موريتانيا وليس المغرب. وبسبب ذكاء ودهاء السفير
الموريتاني، احمد اباب مسكى،- يقول الكاتب- أستطاع
أن يقنع كل السفراء في ردهات الأمم المتحدة أن يتم تبني قرار يذكر ان الصحراء
الغربية " جزء تاريخي" من موريتانيا، وان هذه الأخيرة يجب أن تكون طرفا
معنيا في القضية. وحسب الكاتب الأسباني دائما فإن أحمد باب مسكى وزع مذكرة على
الأمم المتحدة في اكتوبر 1966م تقول أن الجنوب هو الذي كان دائما يتحكم في الشمال،
وأن المرابطين الذين انطلقوا من موريتانيا هم الذين تحكموا في الشمال وليس العكس.
نشاط أحمد باب مسكى ودهاؤه جعل الجمعية العامة تقتنع ب"الحجج"
الموريتانية، وتعتبر موريتانيا طرفا معنيا في قضية الصحراء الغربية.
ورغم نشاط السفير الموريتاني المذكور
ومجهوداته إلا أن رئسيه، ولد داداه، حين أختلف معه حول بعض القضايا، أقاله ونصَّب
مكانه أخاه عبد الله ولد داداه. ولم يقيله فقط، لكن وضعه في السجن وحكم عليه
بالمؤبد، ولم ينقذه سوى تدخل الأمين العام للأمم المتحدة.
حين أحتل المغرب وموريتانيا الصحراء الغربية
سنة 1975م، رفض أحمد باب مسكى أحتلال بلده للصحراء الغربية، وتطوع في صفوف
البوليساريو، وتقلد الكثير من المناصب منها رئيس المجلس الوطني وعضو المكتب
السياسي، وحين خرجت موريتانيا من الحرب، ذهب أحمد باب مسكى إلى فرنسا، بحجة أن السبب
الذي جعله يلتحق بالبوليساريو قد انتفى ما دام بلده قد خرج من الحرب. بقى أحمد باب
في فرنسا وسويسرا، لكن مع ذلك بقي صديقا حميما للصحراويين..
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء