حين أحتل المغرب وموريتانيا الصحراء الغربية
سنة 1975م، رفض أحمدباب مسكى أحتلال بلده للصحراء الغربية، وتطوع في صفوف
البوليساريو، وتقلد الكثير من المناصب منها رئيس المجلس الوطني وعضو المكتب
السياسي، وحين خرجت موريتانيا من الحرب، ذهب أحمد باب مسكى إلى فرنسا، بحجة أن
السبب الذي جعله يلتحق بالبوليساريو قد انتفى ما دام بلده قد خرج من الحرب. بقى
أحمد باب في فرنسا وسويسرا، لكن مع ذلك بقي صديقا حميما للصحراويين..
حين التحق أحمد بابا مسكى، المثقف والدبلوماسي الموريتاني المحنك، بكامل وعيه وإدراكه وقناعته بالصحراويين وبالبوليساريو سنة 1974م أو 1975م ثارت عاصفة كبيرة في موريتانيا لازال غبارها يحوم في الهواء إلى اليوم. فبمجرد إن التحق الرجل بالصحراويين، وهو الموريتاني الأصل والفصل والدبلوماسي، حتى تحول إلى ظاهرة. أصبحت بعض الدوائر المتحكمة في مفاصل موريتانيا الحاكمة آنذاك، موريتانيا المختار ولد داداه، تقول ظاهرة أحمد بابا مسكى، طفرة احمد بابا مسكى والبعض وصفه بالمرتزق، وآخرون بلغ بهم الشطط إلى وصفه بالمجنون. وزاد الطين بلة والعاصفة هياجا وتمردا إن الصحراويين استقبلوا الرجل بحفاوة ورحبوا به واحتضنوه وقلدوه، إذا لم تخني الذاكرة، منصبا في المكتب السياسي، ثاني أعلى هيئة سياسية عند الصحراويين آنذاك.
سنة 1978م، سنة الانقلاب على ولد داداه، خرج الرجل بصمت من مخيمات اللاجئين بعد إن كتب كتابا قيما عن الصحراويين بعنوان: البوليساريو، روح شعب" وذهب إلى سويسرا على ما أعتقد وبقى هناك. ورغم ذهابه عن الصحراويين وهم في أوج حربهم مع المحتل المغربي إلا أن أي منهم لم يلمه أو يذمه، فهم، كشعب عريق، فهموا ما الذي أتى بأحمد بابا مسكه ليقف إلى صفوفهم، وفهموا أيضا لماذا غادرهم بهذه البساطة. كل ما حدث( التحاق أحمد بابا بالصحراويين، نضاله معهم ومغادرته لهم) كان بسيطا جدا: اتفاق المغرب مع نظام ولد داداه لتقسيم الصحراء الغربية وشعبها اعتبره احمد بابا مسكة طعنة في ظهر البيظان وفي ظهر الموريتانيين، وحتى يقف ضد ذلك الفعل ويبين رفضه له وامتعاضه منه هاجر إلى الصحراويين يناضل معهم. وفعلا أظهرت الأيام صواب وسداد نظرة أحمد بابا مسكى: أنهزم نظام ولد داداه وعادت موريتانيا شقيقة للصحراويين كما كانت. حين انتهت الظروف التي قهرت احمد بابا إلى الهجرة ( ظلم نظام ولد داداه، احتلال موريتانيا الداداهية لجزء من الصحراء الغربية) غادر الرجل الصحراويين وعاد إلى حياته العادية.
في الحقيقة، ورغم مغادراته لخيام الصحراويين إلا أنني لم اسمع صحراويا أبدا يذكر أحمد بابا بسوء. هذه حقيقة للتاريخ. فلو كان أحمد بابا مسكى كان رحالة سياسي، أو كان يحب الترحال في تيرس أو كان مرتزقا مثلما يقول خصومه في موريتانيا، كان بقى مع الصحراويين، وبكل تأكيد كان سيبقى دائما في منصب سامي أو سفير في دولة ما ويعيش حياة راقية.
إن لجوء أحمد بابا مكسى إلى الصحراويين بعد إحساسه بالخطر على نفسه وبلده ليس طفرة أو ظاهرة في تاريخ الموريتانيين والصحراويين.
بقى الرجل وفيا لنهجه السياسي ولتصوراته ولعلاقاته مع الصحراويين حتى رحل وهو يبتسم.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء