الحرب، الكل مقتنع أنها هي الحل، لكن الكل يخشى تداعياتها

Resultado de imagen de guerra saharaالآن يمكن ان تكون الأمم المتحدة قد بصمت بأصابعها العشرة على فشلها في الصحراء الغربية بعد القفز على الحل الشرعي وهو الاستفتاء، وبعد فشل "الحل" للقيط الحكم الذاتي. العودة للاستفتاء ستتطلب وقتا وضغطا على المغرب وهذا، بصراحة، غير متوفر الآن، والحكم الذاتي أنتهى بصفة نهائية.. فشل الحكم الذاتي وطي ملفه يمكن أن يجعل المغرب يتحول إلى إسرئايل ثانية في المغرب العربي، وهو ما يعني أنه سيقول لا ويحاول فرض أمر الاحتلال الواقع.. أنتظار أن تحاول الأمم المتحدة أن تبدأ من جديد لمحاولة إقناع المغرب بالعودة إلى الاستفتاء هو، في نظرنا، بسبب التماطل فيه انتظار العبث، والبحث عن حل بديل هو ضرب من الخيال، وبالتالي يبقى الحل هو الدواء بالكي: الحرب.
الجيش الصحراوي هو الآن في حالة استنفار قصوى لم يعرف مثلها منذ رالي باريس داكار سنة 2001م، وهذا يعني أن هناك جاهزية مرتفعة، لكن تلك الجاهزية وذلك الاستنفار من منظورنا الشخصي لن تقود، في النهاية، إلى الحرب.. في سنة 1991م، وبالضبط في شهر جوان، حين كان بعض قادة الوحدات الصحراوية العسكرية الميدانية يهددون، بسبب الغضب، أنه إذا لم يتم تنظيم الاستفتاء مع نداية 1992م، سيدكون الحزام الرملي المغربي بدون العودة لا إلى الأمم المتحدة ولا إلى القرار السياسي. فجأة حث العكس: خرج الجيش المغربي من الحزام الرملي ليطارد الجيش الصحراوي، واحتراما لوقف إطلاق النار، انسحب الجيش الصحراوي إلى خارج حدود الصحراء الغربية..
الآن، حين كان الصحراويون ينتظرون أن تعلن جبهة البوليساريو عن طرد بعثة الأمم المتحدة، بسبب سلبيتها وتحولها إلى حارس على الاحتلال، أقدم المغرب على طرد البعثة، خاصة العناصر المدنية. الآن نخشى أن يقدم المغرب على انتحار سياسي بإعلان الحرب ضد وحدات الجيش الصحراوي في الأراضي المحررة.
لكن لماذا يخشى الجميع تداعيات الحرب؟
بالنسبة للبوليساريو، الطرف الذي كان يهدد دائما بالحرب، والطرف الذي خذلته الأمم المتحدة، والطرف الذي ينتظر شبابه القرار بالحرب؛ هذا الطرف يستطيع إعلان الحرب، لكن مشكلته تكمن في أنه يخشى – خشية كبيرة- أن يتم جره إلى واقع الحرب أو يتم فرضها عليه، لكن ليس ليتم تدمير جيشه هو وتدمير قواعده، إنما ليتم تهديد الأمن القومي للحليف. فالحليف القوي والواثق من نفسه، الجزائر، أمنه القومي مهدد، والدول التي تتربص به كثيرة، وهو موضوع في أول قائمة الدول التي يجب تحويلها إلى سوريا ثانية أو عراق ثان أو يمن ثانية، وبالتالي فهؤلاء الأعداء يبحثون عن الفرصة والتي لن تكون، في نظرهم، سوى إعلان حالة حرب في الصحراء الغربية ليتم ضربها بيد المغرب، ويتم تميرها بحرب داخلية وخارجية. في تصوري الشخصي أن البوليساريو تنظر إلى عامل  توفيت الفرصة على أعداء الجزائر وتتحاشى هي الأخرى الحرب، لكن دون استبعاد العودة إليها إذا صفا الجو.. البعض يمكن أن يتصور أن البوليساريو لم تعد لديها تلك القوة البشرية القوية التي كانت تدك بها معاقل المغرب في أي مكان و أي زمان تريده، وكانت تأسر بها لعبيدي عبد السلام وتطارد الغجدامي، وتحاول قنص الدليمي، لكن في الحقيقة حتى إذا بدأت الحرب سوف لن تكون مثل حرب الثمانينات ونهاية السبعينات.. فقط إعلان حالة الحرب دون خوضها ستجعل المنطقة تشتعل عن آخرها..
بالنسبة للجزائر، الحليف المُهدد بالربيع العربي، والمهدد بخفض أسعار الربيع، والمهدد بتهمة رفض التحول إلى نعجة في قطيع الراعي السعودي، يريد الجميع تدميره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وبالتالي هو واعي تمام الوعي أن الحرب في الصحراء العربية هي سبب يمكن استغلاله خاصة أن الجار المغربي هو أكثر الأعداء الحالمين بتدمير الجزائر ولما لا تفجيرها واحتلالها..                         
وبسبب معرفته أن لا الجزائر ولا البوليساريو يريدون الحرب، يمكن للمغرب أن يقوم بانتحار آخر لجر البوليساريو والجزائر إلى التصادم، في محاولة للإسراع بفرض الوضع الذي تتحاشه الجزائر والبوليساريو..
من الذي لا يريد الحرب ؟ الدولة الوحيدة التي ترفض الحرب من هذا الطرف أو ذاك، والتي لها تأثير كبير على قضية الصحراء الغربية، هي الولايات المتحدة الأمريكية. فمنذ سنة 1975م، وهذه الدولة ترفض أن تحدث حرب في هذه المنطقة، وبالنسبة لها أي حل يمكن تطبيقه- لا يهمها القانون ولا هم يحزنون-  على حساب منْ لا يهمها أيضا، تفضله على الحرب.. فحتى الحزب الجمهوري، بقيادة الأرعن بوش سنة 2001م، كان هو الذي تدخل لدى الجزائر والبوليساريو كي يمنع إعلان الحرب بسبب مرور الرالي باريس داكار..
إذن، الآن الولايات المتحدة أصبحت ف صف البوليساريو والجزائر في رفضها للقيام بالحرب، وهي اليت تضغط على المغرب كي لا يقوم بها.

وبسبب استبعاد- ظرفيا- حل الحرب يبقى التوجه هو نحو خلق ضغط على المغرب في المحافل الدولية، وتوفير ظروف صمود طويل للصحراويين في المخيمات والأراضي المحررة، مع أنه في الأخير، ولا يوجد مستحيل على الله مغير الأحوال.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء