تتصور قناة الجزيرة أنها أصبحت سلطة في العالم
العربي، وأن لها من القوة الإعلامية والسياسية ما يؤهلها كي تصبح في مقام يسمح لها
بأن توجه الرأي العربي كيفا ما تريد. فهذه القناة، بفضل القوة المالية الهائلة
التي تتمتع بها، أصبحت تتوهم أنها هي وحدها التي توجه الرأي في العالم العربي وحتى
الإسلامي. وبسبب نفوذها الإعلامي أصبحت بعض الحكومات تعتمد عليها كي تساعدها
سياسيا في قضاياها، وفي توجيه رقاب وعقول العالم العربي نحو الوجهة التي تريدها
هذه الدول.
وإذا كانت الدول العربية- كلها تقريبا- قد احتضنت
قناة الجزيرة وفتحت لها مكاتب بسبب ضغوطات خليجية مالية وسياسية وبسبب الجري وراء
وهم حرية التعبير، فإن بعض هذه الدول، مثل الجزائر، قد مانعت في أن تفتح لها مكتبا
فيها منذ أول يوم. بعض الدول حين أكتشف خدعة قناة الجزيرة البصرية وعرفت مضمونها
أقفل مكتبها، وبعضها أبقى عليها بسبب الضغوطات الخليجية لا أكثر ولا أقل.. لكن
لماذا رفضت الجزائر فتح مكتب للجزيرة في الجزائر نفسها رغم أنها تسمح للقنوات
الأخرى بالعمل فيها، ورغم الانفتاح الإعلامي الجزائري على الجميع.؟
الكثيرون يتصورون ان قناة الجزيرة هي قناة قطرية.
في الحقيقة، من خلال خطها التحريري وتغطيتها الإعلامية الأنتقائية يمكن أكتشاف ان
الجزيرة هي قناة سعودية وأن موضتها هي موضة إسرائيلية. لهذا السبب البسيط رفضت
الجزائر ان تفتح مكتبا لقناة الجزيرة فيها.. فهذه القناة، رغم أنها تأتي بالأخبار
والأسرار من أقصى نقطة في الأرض، لم يحدث - ولا مرة واحدة- أن ذكرت السعودية أو
تدخلت في شئونها الداخلية أو ذمت الاسرة الحاكمة أو أشارت إليها من بعيد ولا من
قريب.
بالنسبة لخط القناة، خاصة البرامج الحوارية هي
برامج إسرائيلية. فالقنوات الإسرائيلية هي مخترعة برامج وجها لوجه وبرنامج الاتجاه
المعاكس، وهي برامج موجهة للعالم العربي لكن ليس لتثقفه بل لتزرع الشقاق بينه.. من
البرامج التي احدثت أكثر فتنة وشقا للصف العربي والإسلامي نجد برنامج الاتجاه
المعاكس الذي يقدمه الرجل الذي أصبح الجميع يسميه غراب الجزيرة- فيصل القاسم- بسبب
الفتن الكثيرة التي أحدثها هذا البرنامج بين الشعوب وبين الطوائف وبين المجموعات.
الآن تتصور السعودية أن قناة الجزيرة يمكن
تساعدها في ضغطها على الجزائر.. فالسعودية بسبب رفض الجزائر أن تكون نعجة بيضاء بدون
عقال في قطيعها "العربي"، وبسبب احتفاظها بمواقفها هي، أصبحت تضعها في
القائمة السوادء. فحتى تغيظ المملكة العربية السعودية الجزائر عقدت قمة الخليج
وأصدرت بيانا " يجمع فيه القطيع الأبيض على أنه يساعد المغرب في احتلاله غير
الشرعي للصحراء الغربية، وانه مع الحكم الذاتي". وحتى تنتقم من استقبال
بوتفليقة لوزير الخارجية السوري ورفضه الاستقبال " البرهوش" الجبير وزير
خارجية السعودية، تم إعطاء الأمر لغراب الجزيرة فيصل القاسم كي يغيظ الجزائر
ببرنامجه الذي خصصه لنعت ووصف ان قضية الصحراء الغربية هي قضية افتعلتها الجزائر.
هل يُعقل ونحن في القرن الواحد والعشرين ان يخرج مثقف عربي أو حتى فرنسي ويقول ان
قضية الصحراء الغربية افتعلتها الجزائر؟
كان
ممكن لغراب الجزيرة ان ينعق فوق اية شجرة اخرى وفوق أي تل آخر لكن أن ينعق فوق
قضية واضحة المعالم في العالم مثل القضية الصحراوية فهذه هي قمة الوقاحة. سبب
النعيق بسيط وهو محاولة إغاظة الجزائر لا أكثر ولا أقل.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء