إن الخيمة في الصحراء الغربية ترمز إلى سمعة
العائلة وإلى الكرم الضيافة، فكلما كانت كبيرة وواسعة كان قدر العائلة كبير. فالصحراويون
حين يريدون الإشارة إلى شخص غير كريم يقولون له" ولد خيمة صغيرة" أو
" خيمة أهله صغيرة" أو قد يقولون له "ولد خيمة قصيفة" (
صغيرة). وحين ينزل ضيوف على حي صحراوي ما فإنهم يقصدون من بين خيامه الكبيرة حجما
لإنها هي خيمة شيخ القبيلة أو خيمة كريم القوم.
والصحرايون، رغبة منهم في الحصول على شرف إكرام الضيوف، يتبارون في صنع
خياما كبيرة حتى تجذب القادمين من بعيد.
وهنا نشير إلى ما
قاله أحد الشعراء يهجو عائلة لم تكرمه:
ماني شامتكم
يخيكم يالخلاء يا خويمة لخلاء
لو كنتم خيمة
نشمتكم غير أنا ما نشمت لخلاء
( لن أهجوك أيتها
العائلة الخالية. فلو كنتم عائلة حقيقية ولم تكرموني كنت هجوتكم، لكن للأسف أنا لم
أجد إلا الخلاء وأنا لا أهجو الخلاء)
إن الخيمة كمكان
وكرمز للضيافة وسمعة العائلة كانت تنسج خيطا بخيط من بين أصابع النساء الصحراويات
وحدهن، وكان نسجها يتطلب جهدا خارقا من الصعب تحمله. والمشكلة أن صناعة ونسج
الخيمة، رغم أهميتها، لم يكن من الوظائف التي كان المجتمع قد قسَّم بها للرجال.
تُصنع الخيمة من وبر
الإبل والغنم والعمل في نسجها وتجديدها لا يتوقف أبدا. فعلى طول السنة لا تتوقف
المرأة عن العمل في النسيج والخياطة. وتمر صناعة الخيمة بالعديد من المراحل: جز
الوبر، تنظيفه وغزله ونسجه.
وبسبب كُبر الخيمة
الصحراوية، يستحيل على النساء صناعتها في مرة واحدة. إن كبر الخيمة يفرض على
المرأة إن تعمل طوال العام للحفاظ عليها كي تبقى واقفة. فحين تنتهي المرأة،
بمساعدة الجارات والقريبات، من بناء الخيمة للمرة الأولى فإن هذا لا يعني أن كل
شيء انتهى. فبمجرد أن تقف الخيمة للمرة الأولى تبدأ ربتها تنسج من جديد وتغزل لصنع
شرائح( فلجة جمع مفردها فليج) احتياطية. إن
نسج شرائح ( فلجة)، من باب الاحتياط، هو أمر ضروري لسببين:
أ)- لإن العواصف لا
تهدأ على طول السنة في الصحراء وأحيانا تطيح بكل ما يوجد في وجهها من خيم، وإذا
كانت المرأة لا تمتلك شرائح ( فلجة) احتياطية لتعوض بها تلك التي تمزقها العواصف
فإن الخيمة ستبقى جاثمة على الأرض حتى يتم نسج شرائح لتعوض تلك التالفة.
ب)- الشيء الآخر أن الخيمة تتطلب تجديد شرائحها
كلها أو على الأقل بعضها سنويا. ولهذا الغرض تنسج النساء ما استطاعت من شرائح (
فلجة) وحين يحل الحول على خيمتها تقوم بنزع الشريحة الأمامية وتضع مكانها شريحة
جديدة على أن تقوم بتغير الشريحة الموالية في العام الموالي وهكذا دواليك.
بهذه الطريقة، وحتى
تحافظ على خيمتها واقفة أمام الطبيعة، تجد المرأة الصحراوية نفسها مضطرة أن لا
تتوقف عن النسج والخياطة طول العام خاصة إذا عرفنا أن الخيمة تتكون من خمسة إلى
ستة شرائح( فلجة).
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء