مولاي احمد لبيض عبد الله: رحل قبل أن يكمل لي بقية أخبار الملاحم

 


كان قدرا ان يرحل مولاي أحمد لبيض عبد الله بعيدا عن ميادين المعارك والملاحم الكبيرة التي خاض مع مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، فهو واحد من الذين شاركوا في كل الأساطير العسكرية الضخمة التي سطّرها أبناء هذا الوطن خلال الحرب مع الإحتلال المغربي. ورغم أن رحيله هو خسارة للجميع إلا أنني شخصيا فقدت أهم مصدر كنت اعتمد عليه في كتابة تاريخ الملاحم العسكرية للجيش الصحراوي. منذ أول يوم حكى لي عن ملحمة قلتة زمور، بدقة متناهية وبتفاصيل مشوقة، أدركت انني عثرت على كنز مهم يمكن الاعتماد عليه في الكتابة عن ملاحم جيش التحرير الشعبي الصحراوي. تعاون معي بشكل مطلق، وحتى خلال تواجده المخيم كنت على اتصال به دائما كلما كنت في حاجة إلى معلومات. كان دائما مستعدا ليزودني بكل المعلومات المختزنة في ذاكرته عن تلك المعارك التي شارك فيها. في الواقع، حسب حكيه، شارك في كل الملاحم الكبيرة، وبقى يحتفظ في ذاكرته بتفاصيلها كأنما حدثت أمس فقط. آخر مرة، وصلنا في حديثنا عن الحرب والمعارك الكبيرة إلى عملية لمسيد، لكنه لم يكملها لي. وصل، بالضبط ، في حكيه إلى اليوم الذي استشهد فيه البطل بيكا، عضو المكتب السياسي، وأحد الشهداء الأبطال. كان مولاي احمد مع بيكا في نفس العربة التي انفجر بها لغم في عملية لمسيد، لكنه، بسبب تواضعه، رفض ان يقول لي ذلك، وفقط أخبرني بذلك احد رفاقه. إلى هنا وصلنا في حديثنا عن المعارك، وكنا خططنا أن يكمل لي بقية اخبار و معلومات عملية لمسيد، لكن تم الإعلان عن رحيله بسرعة غير متوقعة. كل المعارك التي شارك فيها كان يحفظ معلوماتها بدقة عجيبة، وبما انه رحل والتحق برفاقه الشهداء، فهذا يؤكد لنا أن ذاكرتنا غير مؤمنة، واننا إذا لم نكتب عن ملاحم جيشنا، الآن وليس غدا، فهذا يعني أننا نرتكب جريمة في حق مقاتلينا وشهدائنا، ونرتكب حماقة في حق ذاكرتنا الجمعية. إن الذين شاركوا في تلك الملاحم بدأوا يرحلون، تباعا، ومن لم يرحل منهم، بدأ ينسى بسبب سرعة الزمن الذي لا يرحم. رحم الله معشر الشهداء.

blog-sahara.blogspot.com.es 

السيد حمدي يحظيه 

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء