المقاومة الصحراوية السلمية: كديم ازيك، من الاحداث إلى النتائج( دراسة يتبع)


Resultado de imagen de gdeim izikوإذا كانت هذه الملحمة ( كديم إزيك) قد فجرت الوضع الذي جعلهالاحتلال يحتقن مع مطلع شمس كل يوم، فإنها كذلك كان لها الكثير من النتائج:
أ) على مستوى القضية الصحراوية عموما:
-     ذكَّرت العالم مجددا بالقضية الوطنية التي لازالت تنتظر حلا ينبع من الشرعية الدولية: حق تقرير المصير الموثق في القانون الدولي. فمن خلال معركة\ ملحمة كديم إزيك عادت قضية الصحراء الغربية إلى الأضواء وإلى عناوين الصحف والأخبار لمدة طويلة من الزمن. أيضا رفعتها إلى مجلس الأمن، أعلى هيئة دولية، كقضية ملحة يجب الالتفات إليها وإعطائها حقها من النقاش والحل.
-     طمأنت الصحراويين أينما تواجدوا جغرافياً:  في الشتات، اللجوء وفي المنفى، أن الشعب المتواجد في المدن المحتلة، رغم كل ما تعرض له من تصفية، ذبح وسجن يمكن أن يُعوَّل عليه كي يستمر الكفاح السلمي، وأن لا خوف على القضية مستقبلا.       
- وبالإضافة إلى أنها كانت عملية تتويج لمقاومة سلمية، كانت أيضا، أكثر من ذلك، تتويجا للكفاح الصحراوي في كل العصور. فهي ليست فقط ملحمة "كديم إزيك" اليتيمة التي لا سابق لها ولا لاحق، إنما، كذلك، أيقظت الشعور الصحراوي أينما كان، وأعادت للإنسان الصحراوي الثقة بنفسه وبشعبه، وجعلته يحس، من جديد، أن أي شعب يستطيع أن يقوم بملحمة مثل هذه – تنظيما، تخطيطا وتكتيكا- هو شعب قادر في النهاية على الوصول إلى تقرير مصيره ولو بعد عقود أخرى. ففي الوقت الذي كان فيه الكثير من العالم المتابع للقضية الصحراوية ودورانها الطويل في حلقة المفاوضات يتصور إن المغرب قد نجح، فعلا وبوسائل قذرة شتى أخيرا، في كتم صوت الشعب الصحراوي وأنفاسه وتذويبه وكسر ساعد مقاومته، جاءت كديم إزيك لتعكس كل ذلك الظن رأسا على عقب، وتقول للعالم أن الشعب الصحراوي لازال موجودا، وأكثر من ذلك، لازال قادرا على الإبداع المقاوِم.       
لقد أضافت ملحمة كديم إزيك أسمها إلى سِجل الملاحم الكبيرة والكثيرة التي خاضها الصحراويون على مر تاريخهم الطويل المليء بالكفاح المجيد. إن كديم إزيك كانت إضافة مميزة\ متميزة إلى ملاحم قليب الفرتونة( 1912)، ملحمة 17 يونيو( 1970م)، ملحمة 20ماي(1973م)، كلتة زمور، لبيرات إلى أخره من الأمجاد.    

ب) على مستوى المدن المحتلة:
- تأتي في سياق تاريخي معروف هو قطف ثمار المقاومة السلمية وتتويجها بعمل بطولي خارق يجسد عبقرية الإنسان الصحراوي المقاوم. إن المظاهرات والمناوشات غير الاستعراضية، التي كانت تحدث شبه يوميا في شوارع وحارات المدن والقرى الصحراوية المحتلة، كان صوتها يتعرض دائما إلى الخنق والكتم قبل أن يصل إلى العالم والصحافة والمنظمات الحقوقية العالمية. ففي كل مرة كان الصحراويون في المدن المحتلة يثورون ويخرجون إلى الشارع سلمياً إلا وكانت آلة القمع المغربية البشعة لهم بالمرصاد لتعبث بهم وتغرقهم في دمائهم ودموعهم، وتقود نصفهم إلى السجون دون إن يعلم أحد بما حصل. إن كل ذلك الاستنزاف الذي كان يحدث في الشوارع الصحراوية المحتلة، كان يجب أن يتم تتويجه بعمل بطولي كبير؛ عمل يُمثل اختراعا خارقا للعادة يعبر عن ما حدث فعلا؛ عمل يخترق ويكسر دائرة الحصار الإعلامي المضروبة حول على الصحراء الغربية المحتلة، وأكثر من ذلك، يصل صداه إلى العالم الخارجي بالصوت والصورة.
- 2) كانت أيضا تعبيرا مجسدا على الأرض( فعل) عن رفض الصحراويين لصمت الأمم المتحدة الأصم أمام العنف والقمع المُمارسين ضدهم في المدن المحتلة. فبعد الكثير من التنبيهات والطلبات المتكررة، وحتى الرجاء والتوسل أحيانا لبعثة الأمم المتحدة أن تتحمل مسئوليتها، وتراقب، ولو جزئيا، وضع حقوق الإنسان السيئ والمتردي في الصحراء الغربية المحتلة، كان لا بد من القيام بعمل يجعل المنظمة الأممية فعلا تنتبه وتفتح عينيها على الواقع كما هو.     
- من بين الشعارات التي رفع المشاركون في عملية كديم إزيك، كان يظهر بوضوح الشعارات التي تطالب بوقف النهب المستمر للثروات الصحراوية ووضعها في تحت حماية دولية إلى أن يقرر الإقليم مصيره. إن الاحتلال غير القانوني للصحراء الغربية يتطلب، لو طُبق القانون، وضع الإقليم كله ( مساحة جغرافية، ثروات، حقوق سكانه)، تحت حماية وسلطة دولية. إن غياب هذه الآلية واستمرار النهب الجشع للثروات الصحراوية وعدم استفادة لصحراويين منها كان أيضا في صلب عملية كديم إزيك.
ج) على مستوى الاحتلال المغربي
إذا كانت لملحمة كديم إزيك نتائج ثمينة على القضية الصحراوية عموما وعلى الكفاح السلمي في المناطق المحتلة فإنها أيضا كانت مؤلمة سياسيا وأمنياً للمغرب: 
إن سبب الإقدام على خوض ملحمة " كديم إزيك" هو، بالإضافة إلى ما جاء سابقا، احتقار المحتل المغربي للشعب الصحراوي ومنعه من التعبير الحر عن رائه. إن سوء تقدير المحتل المغربي لقوة الشعب الصحراوي الكامنة في المدن المحتلة، والتي كان يظن أنه دمرها بالسجون والقوة والتعسف، خرجت من قمقها في كديم إزيك. وليس فقط الاحتقار إنما، أيضا، الدوس على الكرامة ومنع الصحراويين، بكل وسائل الترهيب المعروفة وغير المعروفة، من استنشاق هواء الحرية الذي بدأ منذ مدة يسود العالم. فما كان يحدث للصحراويين يوميا في شوارع مدنهم من تدمير نفسي ومعنوي، من اقتياد للسجون بالعشرات، من تنكيل ومن ح للكرامة، جعل صدورهم تنتفخ بالغضب ثم تنفجر.
- ملحمة كديم إزيك كانت اختراقا أمنياً غير مسبوق للشبكة العنكبوتية للمخزن المغربي الذي كان الحسن الثاني، في عز سلطته وتسلطه، يفتخر به ويقول أنه " يستطيع حتى معرفة ماذا يفعل النمل في مدنه تحت التراب". فالصحراويون الذين كانوا يخرجون جماعات وفرادى، ويبنون خيامهم في كديم إزيك ويكتبون فوقها لافتات تطالب بالتشغيل والخبز، نجحوا ببراعة في تجميع صفوفهم وتقويتها وبناء مخيم على شكل حصن يتمركزون فيه، ويصعب اختراقه. كل ذلك كان يقع أمام أعين البوليس والجيش المغربي الذين كانوا يحاصرون بالدبابات والطائرات المخيم المذكور. فرغم التحضير المكثف للعملية، ورغم كثرة المشاركين فيها( 20 ألفا)، وتنظيمهم، إلا أن المخزن لم يستطيع أن يفك شفرة ذلك المخيم حتى وقعت الواقعة. فبين ليلة وضحاها نزع الصحراويون لافتات الخبز وطلب الشغل، ورفعوا محلها لافتات، مكتوبة بخط واضح وحروف كبيرة، تطالب بتقرير المصير، تطالب بمراقبة حقوق الإنسان من طرف الأمم المتحدة، وتطالب بوقف سرقة ونهب الثورات الصحراوية.            
- لم تكن محلمة كديم إزيك فقط اختراقا أمنيا للمخزن الأخرق، لكن، وهذا يجب أن نحسبه لها، كانت كذالك ضربتين عنيفتين تلقتهما السياسية\ الاستراتيجية المغربية المنتهجة في الصحراء الغربية:
 أ) ضربة للدبلوماسية المغربية التي كانت تُصبح المغاربة والعالم وتُمسيهم على إن قضية الصحراء الغربية تم حلها عن طريق " الحكم الذاتي"، وان صحراويي المدن المحتلة يؤيدون هذا الحل، و ب) ضربة للاستراتيجية العامة المتبعة في الإقليم بصفة عامة. إن استراتيجية ربح الوقت، التآمر مع دول كبرى، الهروب إلى الأمام، محاولة تفتيت الشعب الصحراوي جغرافياً، بشريا ونفسياً ومحاولة إيهامه أن لا داعي من الحلم بتقرير المصير، قد انهارت أمام الانبهار بمحلمة كديم إزيك. لقد نسفت العملية المذكورة كل ما تم تشييده، على مدى عقود، من وهم ورمال في الصحراء الغربية وأعادت القضية إلى المربع الأول.      
- إن تفكيك مخيم كديم إزيك، الذي تم على الطريقة الإسرائيلية، وقمع الأصوات المسالمة فيه، كان بمثابة نزع ورقة التوت عن عورة الديمقراطية المغربية. ففي حين كان المغرب يوزع أكاذيبه مجاناً في كل الاتجاهات وفي كل أنحاء العالم، ويتحدث عن " الديمقراطية، العصر الجديد، حرية التعبير" كشفت عملية تفكيك مخيم كديم إزيك الحقيقة: المغرب غير قادر على الإيفاء بوعوده في مجال الديمقراطية، حقوق الإنسان، التعبير الحر عن الرأي.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng