4)
عادات خاصة بحياة المرأة الاجتماعية
إن فرض المرأة الصحراوية
لوجودها كقوة لا غنى عن دورها جعل المجتمع يسمح لها بهامش حرية واسع حتى لا تبقى
مؤطرة في الصورة النمطية: الأم، خادمة الرجل، منجبة ومربية الأبناء فقط. إن سماح
المجتمع للمرأة الصحراوية القديمة بهامش حرية معتبر، لا يوجد في الكثير من
المجتمعات البدوية اليت عاشت\ تعيش في الصحراء. فالمرأة الصحراوية كان مسموح لها بالغناء
والذهاب إلى خارج المخيم وحضور الولائم وعدم أخذ الإذن من الزوج في مناسبات عدة.
إن هامش الحرية ذاك جعل المرأة تضع لنفسها حدودا لا تتخطاها. هنا سنلقي الضوء على
عادات وتقاليد صحراوية خاصة بالحياة الاجتماعية للمرأة بصفة خاصة.
4
أ) تربية البنت على العفة والفضيلة
("متن عين
الطفلة من شين سعدها"( عصيان الفتاة هو من سوء حظها" مثل صحراوي
يعني إن الفتاة العاصية غير المطيعة سيكون سعدها وحظها سيئن لأن عائلتها ستلفظها
خوفا من الفضيحة، كما أن صورتها لن تكون طيبة في أعين المجتمع وقد لا تتزوج.
إن لبس الشابة
للمحلفة لا يعني إطلاقا أنها أصبحت امرأة بالغة، فعلا وعقلا، في فلسفة المجتمع
الصحراوي. فابتداء من هذه المرحلة تصبح الفتاة تحت رقابة وأمر أمها لتعلمها
مبادئ تنشئة المرأة المقبلة على الحياة والزواج وتكوين أسرة. ومن بين ما تتعلمه
المرأة في هذا العمر هو أن تترك الاختلاط مع الذكور وتتوقف عن الذهاب إلى أي مكان –
ملعب، أو ساحة- يرتادها الأولاد، كما تتعلم أن لا تقوم بأي نشاط محصور على الذكور
مثل الجري واللعب العنيف والعراك وصعود الأشجار.
ولا ينحصر تعليم
البنت على عدم مخالطة الذكور فقط بل يتم حثها بكل الوسائل على أن لا تقترب من أي
مكان فيه الرجال:لا تجلس أمامهم، لا تنبطح أو تتكئ على ظهرها أمامهم، لا تستعمل
السواك بحضورهم، لا تأكل أمامهم، لا تظهر شعرها أو أي من مفاتنها أمامهم، لا تغني
أمام أي رجل أكبر منها، لا تغني ولا ترقص ولا تستمع للغناء أمام إخوتها الكبار أو
والدها أو أعمامها وأخوالها، لا تتلكم بصوت مرتفع أمامهم، لا تناقشهم في أي موضوع
مهما كان لها رأي، لكن أكثر ما يُعاب على البنت في هذه المرحلة هو أن تضحك أو تأكل
أمام الرجال أو أمام من هم أكبر منها سنا.
في هذه المرحلة أيضا
لا تغفل الأم أيضا عن أية حركة من حركات ابنتها؛ إذا أخطأت تصحح لها خطئها بصرامة
تامة وبدون تسامح إلى درجة أنها يمكن أن تلجأ للعنف معها: تقرصها أو تضربها حتى لا
تكرر الغلطة مرة أخرى. ومن الجوانب التي لا تتسامح فيها الأم أثناء تربية ابنتها
هو كل ما يتعلق بالأكل: البنت الشابة يجب أن لا تأكل خارج الخيمة، لا تأكل بشراهة،
لا تضع لقمة كبيرة في فمها، لا تمضغ بصوت مسموع، لا تنتش اللحم بأسنانها، خاصة
العظام، أو أية مادة صلبة أخرى، والويل لها كل الويل أن تضحك أو تتكلم وهي تمضغ أو
تأكل. إذا تكلمت بنت أو ضحكت وهي تأكل تأمرها أمها أن تخرج ولا تتركها تكمل أكلها.
إن تشدد الأمهات مع
بناتهن في قضية احترام الأكل ومنعهن لهن من نتش وقضم الأشياء الصلبة بأسنانهن،
بالإضافة إلى كونه طبعا نوع من التربية، يهدف أيضا إلى حماية الأسنان والفم.
فالأسنان عند المرأة الصحراوية كنَّ شيئا مقدسا، وهي باختصار رمز الجمال. إن وجود
مجتمع في الصحراء لا يعرف الطب ولا تركيب أسنان محل التي تسقط يجعل الإنسان، خاصة
المرأة، إذا سقطت أسنانه أو سقطت له واحدة، يعيش طول عمره بلا سن. إن هذا يُعتبر من
بين الأسباب تجعل الأمهات لا يتسامحن مع بناتهن حينما يتعلق الأمر بالأسنان والفم.
فحين تسقط سن لأمرأة يقول الناس " فلانة مركت جماعتها"؛ أي أنها
انه انتهى ما يربطها بالمجالس واللقاء مع الناس.
وإذا
كانت الأسنان الأمامية تسمى عند العالم وفي العلوم القواطع لإن وظيفتها هي القضم
والقطع فإن الصحراويين يسمونها" المضاحك" أي أسنان الضحك والابتسامة. إن
أسنان "المضاحك" ( القواطع) هي مهمة جدا عند المرأة وتهتم بها أكثر من
بقية الأسنان لإنها تقع في مقدمة الفم وهي أول ما يظهر عند التبسم. وللمحافظة على
جمال تلك الأسنان تلجأ الأم إلى حث البنت أن تبقى أسنانها مْشَرْكَة( مسننة) ولا
تزيل تسننها بالقضم. في حالة ما يزول تسنن الأسنان الأمامية كانت بعض الأمهات تلجأ
إلى جعلها مسننة من جديد باستعمال مبارد صغيرة. وبالإضافة إلى التسنين حبذا لو
كانت أسنان البنت مفلوجة ( متباعدة بعض الشيء). فإذا كانت أسنان البنت غير مفلوجة
تلجأ بعض الأمهات إلى وضع عيدان صغيرة بعضا من الوقت يوميا بين أسنان بناتهن حتى تتباعد
وتصبح مفلوجة. وحتى تصبح لثة البنت مسودة، وهو اللون المفضل عنذ الصحراويين، تقوم
الأمهات بعملية ما يُسمى "دق العاج" أي وخز اللثة الأمامية بإبر تحمل
مادة نيلية لتبقى هناك كوشم.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء