المرأة الصحراوية: في الادب الشعبي ( دراسة يتبع)


- قصص العاقلة ولفسيدة ( البهلولة)
Resultado de imagen de mujer saharauiهي قصص شهيرة بطلتاها امرأتان، العاقلة ولفيسدة( البهلولة)؛ بعضالحكايات تورد أنهما جارتان والبعض الآخر يحكيها على أساس أنهما ضرتان: امرأتان متزوجان من رجل واحد. في حكايات العاقلة ولفيسدة الكثيرة نجد أنها تعالج مواضيع مختلقة تتعلق أساسا بالأخلاق، وتنصح إلى عدم اللجوء إلى الخداع والمكر وخطورة استعمال العقل في غير محله.



* حكاية السباق
يحكى أنه في يوم من الأيام قرر زوج المرأتين - العاقلة ولفيسدة- إجراء سباق بين وَلَدَيْ المرأتين ومن يفوز منها يحصل على جائزة. كان شرط السباق هو أن يحمل كل واحد من الولدين كيلوغراما من مادة ما يختارها. قررت العاقلة إن يحمل ابنها كيلو غرام من الصوف، أما لفيسدة فاختارت لولدها كيلو غرام من السكر. أثناء السباق لم يفكر ابن لفيسدة( البهلولة) في السباق ولا في الجائزة؛ كان يفكر فقط في أكل كل السكر الذي يحمل في الطريق قبل أن يصل. بالفعل أتى عليه قبل أن يصل، لكن في نفس الوقت فاز لإن ابن العاقلة عرقل جريه الصوف الذي كان يلتف من حين لآخر على رجليه. فاز ابن لفيسدة، لكن العاقلة رفضت النتيجة، وطالبت بإعادة السباق على أن يحمل ابنها في المرة القادمة مرة أخرى كيلو غراما من الصوف وعلى ابن لفيسدة أن يختار كليو غراما أخرا لا يؤكل. ولم تكتفي بهذا فقط، بل اقترحت أن يحمل ابن لفيسدة كيلو غراما من الملح حتى لا يأكله في الطريق مثلما فعل في المرة الأولى وأن يؤجل السباق إلى اليوم الموالي.
في الليل سقط المطر غزيرا فامتلأت الحفر والبحيرات الموجودة في مسار السباق. بدأ السباق في الصباح، ومن سوء حظ ابن العاقلة أن المسار، هذه المرة، يمر بغدير كبير. حين مرَّ ابن العاقلة بالغدير امتلأ الصوف بالماء وأصبح ثقيلا جدا، أما ابن لفيسدة، فحين مر بالغدير، ذاب الملح ولم يبق منه إلا القليل. مرة أخرى فاز ابن لفيسدة وحصل على الجائزة.



* كبش العيد
في إحدى مناسبات العيد اشترى زوج المرأتين( العاقلة ولفيسدة) كبشين احدهما نحيل والآخر سمين. وخوفا من غضب زوجته العاقلة أعطاها الكبش السمين وترك النحيل للفيسدة( البهلولة).
في الليلة ما قبل يوم العيد، وبسبب الحر الشديد، اختنق الكبش السمين ووقع مغشي عليه. حين تفطن ابن العاقلة في الليل أن كبشهم واقع على الأرض، وأنه ربما ميت، أخبر والدته بالآمر. وحتى لا يبقون بلا عيد قامت العاقلة وولدها بجر الكبش السمين المغشي عليه في الظلام إلى خيمة لفيسدة وربطوه عندها وأخذوا مكانه الكبش الآخر الذي، رغم أنه هزيل، إلا أنه أحسن من أن يبقون بلا عيد.
في الساعات الأولى للفجر، ومثلما هي الحال دائما في الصحراء، يهب النسيم ويبرد الجو. حين برد الجو استفاق الكبش السمين من غيبوبته.
في الصباح أيقظت العاقلة ابنها وطلبت منه أن يذبح الكبش قبل أن يتفطن أحد؛ فهي لا تريد أن يأتي زوجها من صلاة العيد ويكتشف ماذا حدث. كان الكبش هزيلا إلى درجة أن رائحة الشواء لم يشمها أي أحد من الجيران.
حين استيقظت لفيسدة على التاسعة صباحا طلبت من ولدها أن يذبح الكبش ويبدأ يشوي اللحم. كانت المفاجأة كبيرة: وجد الولد كبشا كبيرا مربوطا في وتد الخيمة. عاد يجري إلى والدته لفيسدة ليقول لها: كبشنا أصبح سمينا في ليلة واحدة.
قالت له والدته: نعم. هل نسيت أننا وضعنا عنده الكثير من الماء قبل أن ننام.؟
ذبح الولد الكبش وبدأ يشوي ويطبخ اللحم أمام خيمة والدته. حين عاد الأب من صلاة العيد، مرفقا بأصدقائه الذين دعاهم ليريهم أنه أشترى اسمن كبش، توجه بهم إلى خيمة العاقلة ظانا أن الكبش السمين لازال هناك. لم يستطيعوا مضغ اللحم الذي قُدم لهم بسبب عدم طراوته ومذاقه غير اللذيذ.

وحين نقرأ النص بعيدا عن الرسالة الأخلاقية والتربوية التي تنبذ المكر وعدم المساواة، نجد أن هناك رسالة أخرى خفية تتعلق بظاهرة الضرار. فحين ينص الإسلام على أن المتزوج من أكثر من امرأة عليه أن يعدل وألا يكتفي بواحدة، نجد أن هذا الزوج، المتزوج من امرأتين فقط، فشل في العدل بينهما وأختار واحدة على أخرى.

* الكنز
مرة أخرى قرر زوج المرأتين( العاقلة ولفيسدة) أن يرحل بحثا الماء والكلأ لماشيته في الصحراء. حين حلوا بالمكان الجديد كان هناك فقط مكانان صالحان لبناء الخيام، واحد فوق التل وأخر في وسط الوادي. حين حطوا الرحال قال الزوج للزوجتين: واحدة منكما تبني خيمتها في الوادي وأخرى تبنيها فوق التل.
بسرعة قالت العاقلة: أنا سابني خيمتي فوق التل وأترك المكان الآخر لضرتي حتى تستمتع بالوادي والأشجار والدفء.
في الواقع لم يكن اختيارها صادر عن حسن نية. كانت العاقلة تدرك أنه ربما تسقط الأمطار في الليل ويجرف السيل الخيمة المتواجدة في وسط الوادي، وبالتالي من الأحسن بناء الخيمة فوق التل. من جهة أخرى كانت تخشى أن الفئران التي توجد جحورها في الوادي دائما من الممكن أن  تأكل أثاثها ومخزونها من الحبوب..
رحبت لفيسدة بالفكرة وشكرت العاقلة ظنا منها إن ضرتها تركت لها، عن حسن نية، الوادي لتستمع بالدف وبالأشجار وبالحطب. بنت لفيسدة خيمتها فوق مدينة للفئران. في أول ليلة لها في مكانها الجديد لم تستطيع أن تنام بسبب الإزعاج الذي سببه لها الفئران، "جيرانها الجدد". استيقظت عدة مرات في لليل، وفي الأخير ظنت إن الذي يمنع هذه الحيوانات من النوم هو الجوع. وبدل أن تهدم جحور الفئران وتهدمها مثلما يفعل الناس عادة، نهضت في منتصف الليل وملأت كل الجحور الموجودة في المكان بالقمح. إن حسن معاملة لفسيدة للفئران جعل هذه الأخيرة تخرج متى شاءت وتأكل متى أرادت. وحسب تجربة الصحراويين فإن بعض الحيوانات، مثل الجمال والخيول والفئران، تستشعر الفيضان قبل حدوثه. في إحدى الليالي اكتشفت لفيسدة أن الفئران بدأت تستخرج أشياءها من جحورها وتذهب بها إلى التل المجاور، وأنها حفرت جحورا جديدة هناك. اكتشفت أيضا أن الفئران، بعد أن رحلت تركت لها فوق فراشها صرة كبيرة مملوءة بالقطع التي تلمع حين تتعرَّض للشمس. ظنت لفيسدة أن الفئران نست الصرة فحملتها ووضعتها عند جحورها الجديدة فوق التل. أعادت الفئران الصرة ووضعتها في خيمة لفيسدة مرة أخرى. فهمت في الأخير أنها هدية لها من الفئران لرد الجميل لها.

حين عاد ولدها من الرعي قالت له أمه أنها سترحل في أثر الفئران وتبني خيمتها بجوار جحورها؛ فحسب وجهة نظرها فقد حدث تآلف بينها مع هذه الحيوانات وأنها تركت لها هدية جميلة. في اليوم الموالي نقلت لفيسدة خيمتها وبَنَتْها فوق التل بجوار جحور الفئران. حدث الفيضان في الليل ورحل بكل ما كان في الوادي. لما عاد الزوج من رحلته أخرجت له لفيسدة الصرة التي أعطتها الفئران ليقول لها على ماذا تحتوي. كانت مفاجأة: الصرة كانت مملوءة بالذهب والأحجار الكريمة.

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng