المرأة الصحراوية: تربية البنت ( دراسة يتبع)

Resultado de imagen de mujer saharauiحسب ما وصل إلينا مما تبَقى ذكره من موروث ثقافي صحراوي نجد إن صورة المرأة لا تخرج عن الإطار التالي: امرأة كريمة، خجولة، ذات عفة وفضيلة، جميلة وعملية.
ففي الثقافة الصحراوية القديمة فإن المرأة هي الفضيلة والعفة والجمال أو العكس:  حين تذكر هذه الشمائل فإن المعني هو المرأة. فقبل أن يسأل الرجل عن الأصل والجمال والمال كان يسأل عن عفة الزوجة المقبلة. فبدون العفة والتخلق فإن المرأة\ الأنثى لا وجود لها عند الصحراويين قديما. وحسب نظرة المجتمع للمرأة فإن العفة إذا تم خدشها أو التعرض لها فلا يوجد ما يمكن أن يعوضها. إن العفة هي الإطار الذي توضع فيه المرأة الصحراوية وإذا تخطت حدوده أو كسرته فإن أمرها قد انتهى في عيون مجتمعها. أول ما يتم الحديث عنه هو خليقة العفة وليس أي شيء آخر. في الماضي كان الكثير من الشبان الصحراويين يتزوج بامرأة لم يراها من قبل، وكل ما يعرفه عنها هو أن المجتمع والأهل أجمعوا على حسن خلقها وعفتها. المرأة من جانبها كانت تبذل جهدا كبيرا كي تحافظ على عفتها وعلى صورتها الجميلة في عيون مجتمعها. وحتى لا تخرج عن الصورة المطلوبة كانت البنت، حين تصل إلى سن البلوغ، تبذل جهدا كبيرا كي لا تقع في خطأ ما وأن تبقى إلى جانب أمها.. الأم هي معلمة الفضيلة والأخلاق الحميدة وهي القدوة التي يجب إن تمسى وتصبح عليها البنت المقبلة على الحياة. من جهة أخرى هناك قواعد وتقاليد يتم تعليمها للبنت وإقناعها بها وتكرارها عليها يوميا. وفي مرحلة معينة يجب إن لا تخرج البنت عن مجال رؤية أمها؛ تبقى دائما أمامها تستمع إليها وتسألها كذا ماذا مما يجب إن تعرفه قبل إن تصبح في مكان آخر لا يُعلمها فيه أحد، تعاني النقد من اليمين والشمال. وتحاول الأم أن لا تترك أي شيء للصدفة في حياة ابنتها؛ كل خطوة هي محسوبة وكل حركة لها معنى وتفسير. في المجتمع الصحراوي كانت البنت ترسم لنفسها الصورة التي ينشد المجتمع أن يراها فيها لا الصورة التي تريدها هي. العفة قبل كل شيء؛ قبل تعلم الطبخ وخدمة الضيوف وحتى قبل تعلم السور الأولى من القرآن. إن العفة في العرف الصحراوي لا تقتصر فقط على العذرية بل تتسع لتشمل الكثير من السلوكات الأخرى مثل الاحترام والحياء وحسن السلوك. وفي فترة المراهقة يتم التركيز أكثر على تعليم الفضيلة للبنت وتصوريها لها على أساس أنها تشبه الزجاج الذي ينكسر بسهولة والذي إذا انكسر لا يصلح معه جبر. إن الصحراويين يعتبرون إن العفة قد يتم خدشها بأشياء بسيطة قد لا يولي لها أحد اهتمام. فمثلا كلمة مع رجل غريب أو النظر إليه أو القيام بحركة ولو عفوية اتجاه رجل؛ كل هذا من شأنه إن يخدش عفة المرأة ويشوه صورتها.. إن الحديث عن أهمية العفة والمبالغة في تصوير الأخطار المحدقة بها كان هو الكفيل بحفظ المرأة لصورتها ومكانتها في المجتمع، وكان هو أيضا مصدر حريتها.  صحيح، كانت المرأة حرة؛ كانت تخرج، ترعى غنم أهلها، كانت تحطب، كانت تجلب الماء، كانت تذهب إلى الأعراس وحيدة بدون إذن، كانت تحضر التويزة، تحضر الونكالة، تغني في حفلات التبراع وباختصار كان هناك مجال حرية كبير يمنحه مجتمع لا يعرف الجدران ولا يعرف حبس المرأة ولا وضع السلاسل في قديمها، وكان فيه الرجل غير مسيطر بالمعنى الذي يمكن إن نجده في مجتمعات أخرى أين لا تستطيع المرأة أن تحك عينها أو تتنفس بحرية دون أذن زوجها. وطبقا للفلسفة الصحراوية القديمة فإن حبس المرأة في البيت أو ضربها أو معاقبتها لتحافظ على عفتها قد لا ينفع في مكان صحراوي مفتوح يغيب فيه الرجال اليوم كله في الصحراء بحثا عن الماء أو بحثا عن قطيع ضائع أو وراء الرعي. كان اللجوء إلى القوة الجسدية لتربية النساء ممنوعا مثله مثل الحبس، وكان يحل محل هذا كله التربية المعنية الصارمة التي تضع المرأة وجها لوجه أمام نفسها وأمام شرف عائلتها. ففي العرف الصحراوي إن المرأة التي تلوث سمعتها الأخلاقية تلوث معها سمعة كل عائلتها كلها. فحين ترتكب امرأة خطيئة لا تسمح بها الأعراف تدفع العائلة كلها الثمن وفي هذا الإطار يقال: "فلانة حدرت رؤوس رجالها"( أي أنها جعلت رؤوس رجال العائلة تنخفض بسبب الفضيحة.)             
وحتى تبقى رؤوس رجال العائلة مرفوعة بين الرجال كانت النساء يعملن جاهدات كي لا يصدر عنهن ما يجعل رؤوس الأهل ( أباء، إخوة، أقارب) تنخفض بين بقية الرجال.
إن اللجوء إلى تضخيم الخطر المحدق بالعفة لجعلها هي الجدار الواقي للمرأة كان منشئه فلسفة صحراوية بدوية تنبذ العنف والقوة ولا تعترف بدورهما لتربية المراة أو السيطرة عليها. إن الاعتماد على القوة لتربية المرأة قد تكون مضاره أكثر من منافعه خاصة في مكان مفتوح مثل الصحراء. واعتمادا على المنطق البسيط فإنه من غير المعقول أن تنفع القوة مع المرأة، لهذا قد كانت فلسفة الصحراويين، بالاعتماد على القوة المعنوية، هو السبيل الوحيد للحفاظ على سمعة المرأة.
وحين تصبح البنت في عمر الزواج كانت الأم تلجأ إلى تكرار على مسمعها باستمرار إن البنت المرغوبة للزواج والتي يبحث عنها الرجال باستمرار هي المحترمة المحتشمة غير المعروفة، وان التي يتحدث الناس عن خرجاتها وجولاتها وصولاتها قد تبقى عانسا طول حياتها.


يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng