وإذا كان هناك تشدد
في قضية الحشمة فإن المرأة تعاني أكثر من الرجل في هذا الموضوع. فحسب عادات المجتمع
القديم تذهب المرأة بعد الزواج مع زوجها لتعيش مع أهله؛ أي مع أنسابها. إن هذا
الإجراء الاجتماعي يجعل الرجل يبتعد عن أنسابه وبالتالي لن يعاني من تأثير
"قانون" الحشمة وضغط العادات في هذا الموضوع، أما المرأة( الزوجة) فإن
وجودها المستمر مع أصهارها يجعلها تعيش حالة طوارئ دائمة؛ تقضي اليوم كله واضعة
نقابها دون وجهها، لا تتكلم بصوت مرتفع أمام نسيبها أو حميانها الأكبر من زوجها أو
أعمام زوجها وأخواله ولا تشرب أو تأكل أمامهم، وحتى حين تجد فرصة حرية صغيرة حين
يغيب نسيبها أو حميانها فهي لا تنسى أن تبقى مستنفرة طوال اليوم خوفا إن يفاجئونها
في حالة غير حالة الحشمة. فحين يكح شخص في الخارج إذانا بقدومه فإن الزوجة تترك كل
ما كان بيدها وتهرب لتختفي وراء الستار أو تخرج حتى لو كان من فتحة في الخيمة أو
من وراء "الكفى"( ما يغلق الخيمة من الخلف). وفي بعض الحالات تعيش
الزوجة سنوات طويلة مع أنسابها دون تتكلم أو تقترب مع والد زوجها ولا تتبادل معه
التحية إلا في الأعياد والمناسبات فقط أو قد تسلم عليه حين يعود من غيبة أو من
سفر.
وإذا كان من البديهي
أن الحشمة تنتهي أو تقل بين الزوجة وأنسابها الذكور بإنجابها للأطفال فإنه عند
المجتمع الصحراوي يحدث العكس: إذا أزداد الأطفال تتشدد المرأة في قواعد الحشمة
وتبالغ فيها، فهي في هذه المرحلة لا تستطيع أن تحمل ولدها الصغير أو ترضعه أمام
أنسابها من الرجال. فمثلا إذا كان الحفيد الصغير يلعب عند جده أو عند أعمامه وبكى،
فإن الزوجة، حفاظا على قواعد الحشمة، لن تقترب منه أو ترضعه ويبقى هناك يبكي حتى
يحمله أحد آخر، مثل عماته أو جدته، إلى
أمه المختفية وراء الستار لترضعه.
يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء