نبض التاريخ: دراسة أعدتها سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط عن الصحراء سنة 1975م(II)

  

Resultado de imagen de sahara español 1975 1974كان كيسنجر قد كتب في بداية مايو 1975م رسالة إلى سفيره بمدريد يطلب منه فيها معلومات عن قضية الصحراء الغربية وهل يمكن ان تكون هناك دولة في المستقبل. كتبت السفارة التقرير التالي يوم الثلاثاء 19 مايو 1975م، وهو تقرير في شبة دراسة بعنوان: الصحراء الاسبانية: تحليل واقتراح(II)

إن السياسة الأسبانية حسب ما أشارت له السفارة الأمريكية في مدريد، لا زالت تتبع طريقة يطبعها التشبث والتطلع إلى تقرير المصير في الصحراء الغربية.. (..) الأسبان أيضا يبدو أنهم يشجعون التوتر الحاصل بين الجزائر والمغرب حول الصحراء، وحكومة أسبانيا تواصل إعطاء للمغرب الانطباع أنها ضد التفاوض.. وهكذا، فعليا، يبدو أن المناورة مع الوقت هي الغاية التكتيكية الأولى على الأقل الآن.   
أختلاف الضرورات بين حكومة أسبانيا والولايات المتحدة والمغرب مع ذلك يوفر ألتقاء بعض المصالح وهو ما يجعل تقارب متبادل يبدو أنه هو المنطقي.
حسب وجهة نظري فإن (أ): حكومة أمريكا وحكومة أسبانيا، ولعدة أسباب، فإن الوضع يتطلب تجميد القضية بهدف ربح بعض الوقت..(ب): الحكومة المغربية تحتاج أيضا، وبما فيه الكفاية، أن تُبدي  بعض التقدم حتى تكون قادرة أن تبقى في في المسار السياسي و ترضي متطلبات السياسة الدولية.. 
إن دورا متواضعا ونسبيا من طرف الولايات المتحدة الأمريكية هو مطلوب إذا لم يعمق مشكلة المفاوضات حول القاعدة العسكرية أو يجعل تفاضل في العلاقة مع أسبانيا والمغرب..
هناك بعض المحاذير الاحتياطية يجب الانتباه إليها..  مثلا، نستطيع طبعا أن نواصل من حين لآخر أن نشير على الملك المغربي بحكمة التعقل مثلما كنت أشرت أن يُعمل بذلك. في الماضي، إن هذه مثل هذه المساعي أعطت بدون شك تأثيرا بناء على حكومة المغرب وعلى علاقتنا بها..  سيكون من المُقر به، مع ذلك،  أنها – النصائح للملك- كانت ستكون أكثر فعالية لو أشرنا عليه بالتعقل سابقا فإن مسلسلا تفاوضيا هو الآن في الطريق.بدلا من التلميح له أن بالغياب عن ذلك المسلسل.. إن تكرار نصيحة تحذرية للحكومة المغربية في مواجهة تصلب أسباني في موقف غير متزحزح كان منتظرا أن تستقبل بمحاذير هناك..         



بناءا عليا، يجب علينا، حسب وجهة نظري، تجريب طرق أخرى لربح الوقت الذي نريد وان نحافظ على الاستقرار في المنطقة.. هناك أيضا قضية هل يجب على الولايات المتحدة أن تؤييد الاستقلال المعبر عنه مرارا في الصحراء الغربية؟ منذ النظرة الأولى، يبدو أنه- الاستقلال- سياسة مغرية، وله وقْع قانوني، يتماشى مع القرارات ومع نظرية تصفية الاستعمار، وسيعجب الجميع، لكن المغرب سيكون خارج اللعبة.. النظر إلى المسالة بعمق – الاستقلال- أظن، سيظهر تفكيرا مغايرا..  إذا كان استقلال الصحراء سيكون فقط مقنعا للحكومة الأسبانية، سيكون حاسما في مناحي كثيرة.. فعلى الأقل سيشجع تصفية الاستعمار وسينتج إطالة للصراع وأحتمالا يتعاظم أكثر..

إذا كان الاستقلال حقيقيا( نترك جانبا قضية الصحراويين، وقدرتهم على حكم أنفسهم)، لن تكون، من وجهة نظري المشكلة الكبيرة.. لا لسبب، إنما لإن المغرب مقتنع إن للجزائر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بعض المشاريع في الصحراء... هذا الإدراك تعاظم كثيرا مؤخرا بعد ظهور مؤشرات تدل على العداوة التي يكن الجزائريون للمغرب فيما يخص مشكلة الصحراء الغربية في أجتماع الجامعة العربية في القاهرة في الشهر الماضي وفي محكمة العدل الدولية الآن..  

يبدو جليا أكيدا أنه في حالة إعلان استقلال الصحراء، فإن المغرب سيلجأ إلى العمل العسكري لتقويض ذلك الاستقلال.. لا يوجد أي شيء سيقنعه بالامتناع عن ذلك..
على ضوء ما سبق من أعتبارات فإنه على المدى العملي القريب فإن الخيارات التكتيكية – الأمريكية- المفتوحة على هذه المرحلة تبدو كما يلي:
-         تأجيل رأي محكمة العدل الدولية وإيقاف تحركات الأمم المتحدة. إن غايتنا سيجعلها تنجح جيدا إذا أقنعنا بمهارة أسبانيا والمغرب بأن الحكمة هي في التخلص من محكمة العدل الدولية، ومسلسلات الأمم المتحدة والعمل خارج هذا وعلى مهل، ومن الأفضل مع تأجيل أي قرار جدي من طرف الأمم المتحدة حتى دورة الجمعية العامة في سنة 1976م.. وبهذا، فإن الأمور  يمكن أن تتطور بطريقة معتبرة بالنسبة لمصالح الولايات المتحة الأمريكية في أسبانيا..      

إن المهم بالنسبة للمغرب هو تأجيل أسبانيا لأي استفتاء - تنوي أجراؤه- إلى أجل غير مسمى.. هذا الخيار كانت له أفضلية أن يكون سهلا نسبيا لمجاراة إسبانيا... التفاهم على هذا- المقترح – بترحيب المغرب وأسبانيا، سيكون، أعتقادا، طويلا تقنيا( شرعي، ومختصي الأمم المتحدة، بطبيعة الحال، في أحسن وضع كي يحكموا أنه سيكون من الصعب تنفيذ هذا التأجيل في محكمة العدل الدولية وبقية منتديات الأمم المتحدة) العقبة الحقيقية، من جانب آخر، هي أنه سيكون بعيدا جدا أن يتم تنفيذه بالسرعة المطلوبة والبعد المطلوب كي يعجب المغرب.. إذا أتفقا- المغرب وأسبانيا- فإن التأجيل قد لا يجنب أكثر التصادم والاشتباكات، لكن سيساعد – في التقليل منها-..        
تشجيع البدء في مسلسل مفاوضات..  يجب علينا كذلك أن نعتبر أن الخيار الأكثر طموحا هو محاولة إقناع أسبانيا ( ربما عن طريق طرف ثالث) أ البدء في نوع من مسلسل مفاوضات مع المغرب قد يكون هو السياسة الأكثر ربحا للوقت من البقاء في نفس النقطة.. في الخارج، فإن مثل هكذا مسلسل مفاوضات سيكون أكثر اهمية في الظاهر من ما هو حاصل، وقد يكون، مبدئيا، لا يتضمن أي شيء ما عدا الأخبار عنه.. إلى حد ما، سيكون هناك بدون شك ضغوطات للتعامل ببرغماتية، لكن بحنكة، وبهذا فإن مسلسل- التفاوض- سيدار بنجاح..            


إن الاختبارات الموضوعية قد تكون مهمة بالنسبة لاسبانيا مادام الملك قد أشار، طبعا، أن المغرب سيكون سخيا مع الحكومة الأسبانية بإعطائها تنازلات أقتصادية وعسكرية.. سخاء سيكون لامحالة عليه ضريبة بالنسبة للموقف الاسباني.. على أية حال، ولو أن مفاوضات حقيقية يمكن أن تكون أحتمالا صعبة أو يمكن الانسحاب منها.. البدء في مسلسل – مفاوضات- من وجهة نظري يشكل أبسط مظهر من مظاهر التقدم الذي يطمح إليه الملك في هذه النقطة، وسيكون مناسبا كي يهدئ الضغوطات الداخلية عليه لمدة طويلة..     
-         مسلسل تفاوضي متعدد الأطراف: يمكن أن يؤدي هذا إلى خيار  (B)  الذي يمكن أن يتم الاعتماد فيه على أتصالات أسبانية مع أطراف متعددة في إطار واحد يشمل الجزائر وموريتانيا.. هذا ربما يكون نظريا أكثر منه تطبيقات تكتيكية كحيلة لربح الوقت. وفي حين أن إطارا موسعا – للمفاوضات- ربما يكون إقامة دعوة ضد أسبانيا(..) وقد  يكون أقل فعالية من أتصالات ثنائية تنتصر لنظرة المغرب الحديثة بالنظر إلى شكوكه في الجزائر..        

إن نتائج إيجابية قد يمكن التوصل إليها فقط من حدث بعيد المنال هو أن أسبانيا تقتنع بتشجيع ترتيبات مغربية- جزائرية.. إن مجهودا في هذا الاتجاه يمكن أن يهدف إلى التوصل إلى "حزمة" تشمل موافقة المغرب على أتفاق تعديل حدوده الطويلة مع الجزائر، والجزائريون والأسبان ينخرطون في " ترتيبات" حول الصحراء تؤدي إلى إرضاء المغرب وموريتانيا وقبل كل شيء أن لا يشمل اي أستفتاء.
-         دور الولايات المتحدة الأمريكية:
إن مبادرتنا في الصحراء ومشاركتنا في تنفيذها يمكن أن تكون احتمالا متواضعة وغير واضحة بمعطى أن الأولوية هي الآن للمفاوضات مع أسبانيا حول القاعدة العسكرية. فبينما في الحاضر العلاقات الاسبانية الأمريكية هي منطقيا أكثر أهمية بالسبة للولايات المتحدة الأمريكية من العلاقات الأمريكية المغربية، على الأقل نظريا بالنظر إلى التطورات التي من الممكن أن تحصل في أسبانيا والتي من الممكن أن تقلل من موقف أمريكا هنا....
نفس الشيء لا يمكن استبعاد، ولو نظريا، أن يحدث في المغرب.. وبما أنه مهم –المغرب- بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة يجب أن نحافظ على أحسن مصالح مع البلدين المحاذيين لجبل طارق..
ب) إذا كان أصبح حتميا أن يكون للولايات المتحدة الأمريكية دور يجب أن نقوم بمجهودات دبلوماسية إضافية مثل محاولة إقناع المملكة المغربية بفصل قضية الصحراء عن قضية ثغور الشمال- سبتة ومليلية-  وترك النقاش حولها تحت الطاولة على الأقل في الوقت الحالي..  إن الصحراء لها الآن في التفكير المغربي أسبقية على ثغور الشمال- سبتة ومليلية- بينما العكس يحدث في أسبانيا( سبتة ومليلية اولوية)..   
.
إن فصل هاتين القضيتين يجب ان يكون متفقا عليه، مع أنه سيكون من الصعب تقديم أقتراح في هذا المسار للملكة المغربية في غياب أدنى دليل على التقدم مشار إليه أعلاه.. مرة أخرى، اي مقترح ليس ضروريا أن يأتي من طرف حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إذا وُجد طرف أخر مناسب يقو مبذلك.. إن صراع الصحراء هو، بطبيعة الحال، معقد ويجب أن نضع في الاعتبار العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية في تحديدنا لسياستنا.. فالأحياط  الكبير من الفوسفات في الصحراء، مثلا، لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار في اي تقييمات للوضع..       

مثملا تم إيضاحه في تقديرنا  السنوي للمغرب، أظن أنه سيكون من الأحسن أن نبدأ نفكر منهجيا الآن حول طرق يمكن من خلالها أن نكون مؤهلين كي نتوصل إلى حل نهائي للصحراء ينسجم مع مصالحنا..  (انتهى)

يرجى تسجيل تعليقات ذات قيمة حتى يمكن ادراجها في الموقع الإبتساماتإخفاء